نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني جلد : 1 صفحه : 96
بعد تسع سنين مِن هذا الحوار الذي نزل
في أُذن الحسين كأنَّه ذِخر النفس في الإباء والصدق والعُنفوان ، أصبح عمر الحسين
يدور حول العشرين ، وجاءت مَدية أبي لؤلؤة تغرز حِقدها في خاصرة ابن الخطَّاب ، وجعلته
يجهض المجلس الاستشاري السُّداسي ، فإذا بالقبليَّة الجهيض يتقمَّصها مِن بعده
عُثمان بن عفَّان.
٣ ـ عهد عثمان بن عفَّان :
لقد أصبحت المُعاناة عند الحسين ـ في
هذا العهد الثالث مِن تألُّب الأحداث ـ كأنَّها حوملة منها ، ولا تقتات إلاّ مِن
ذاتها. إنَّها ـ مع بداية إطلالته على رجولة مُكتهلة بنضجها وعُمق اختلائها بجوهر
الذات ـ تفاعلٌ جديدٌ أبداً بلونه وحقيقة كشفه عن الأحداث ، وربطها بالتيَّار
الفاعل الذي تصدر عنه ، وتتخبَّأ به النوايا والمقاصد ، لقد اتَّضح له الآن ـ
والأحداث أمام عينيه ـ تتكرَّر حاملةً ذات المقصد ، وإنْ بنمطٍ مُنوَّعٍ بوتيرةٍ
أُخرى ، إنَّ تنويع الأنماط للوصول إلى المقصد هو ذكاء الدُّهاة في استنباط
الوسائل ، بتمويهها بالإخفاء والحَذر ، حتَّى لا يكون للآخرين تحضير مُعاكس
يُخرِّب الطريق إلى المقصد ويمنع عنه الحصول.
لقد شرح له أبوه عليٌّ كيف كان دهاء ابن
الخطاب ، في استعمال سقيفة بني ساعدة سقفاً لنمط بلغ به فنُّ الدهاء سَحْب كرسيٍّ
مِن تحت صاحبها ، وتركيز دعيٍّ آخر عليها بأنَّها حَقُّه في الجلوس ، ذلك كان
النمط الأوَّل في الوصول إلى الهدف ، أمَّا النمط الثاني فإنَّه امتطى البراءة
وقفز بها سريعاً إلى الهدف تدليلاً بأنَّ الكرسي هي ـ حتماً ـ للجالس فيها ، وهو
صاحب الرأي في منحها لمَن يُريد ، وهكذا تصرَّف أبو بكر وخلعها على ابن الخطَّاب ،
أو بالأحرى ، ردَّها إليه بنمط كأنَّه زيارة ورُدَّت بزيارة ، أو كأنَّها سِلفة
مُقترضة رُدَّت إلى مَن أقرضها بالشكر والامتنان ، أمَّا النمط الثالث لبلوغ القصد
، فكان مُمرَّغاً بفنٍّ مُتمتِّع بكثير مِن مظاهر الإبداع ، الذي أغرى القبائل
بروح القبليَّة ، فكان المجلس الاستشاري السُّداسي ، قدَّمه ابن الخطَّاب قبل أنْ
يلفظ أنفاسه ، وجيَّره إلى عُهدة عبد الرحمان بن عوف ، بعد أنْ كتب الأسماء
الستَّة بحروف صغيرة ، فأكبر ، فأكبر ، على أنْ يكون انتقاء واحد مِن الستة
مُشاراً
نام کتاب : الإمام الحسين في حلّة البرفير نویسنده : سليمان كتّاني جلد : 1 صفحه : 96