لمّا سيّر ابن سعد الرؤوس إلى الكوفة ، أقام
مع الجيش إلى الزوال من اليوم الحادي عشر ، فجمع قتلاه وصلّى عليهم ودفنهم ، وترك
سيّد شباب أهل الجنّة وريحانة الرسول الأكرم ومَن معه من أهل بيته وصحبه بلا غسل
ولا كفن ولا دفن [١]
، تسفي عليه الصبا ، ويزورهم وحش الفلا.
وبعد الزوال ارتحل إلى الكوفة ومعه نساء
الحسين (ع) وصبيته وجواريه وعيالات الأصحاب وكنَّ عشرين امرأة [٣]
وسيروهنَّ على أقتاب الجمال بغير وطاء كما يساق سبي الترك والروم وهنّ ودائع خير
الأنبياء ومعهنّ السّجاد علي بن الحسين (ع) وعمره ثلاث وعشرون سنة [٤]
، وهو على بعير ظالع بغير وطاء وقد أنهكته العلّة [٥]
ومعه ولده الباقر (ع) [٦]
وله سنتان وشهور [٧]
، ومن أولاد الإمام الحسن
أنشدها على عمر بن
سعد ، وفي تذكرة الخواص ص ١٤٤ قال له عمر : أنت مجنون لَو سمعك ابن زياد لقتلك.
وفي شرح المقامات للشريثي ١ ص ١٩٣ : إنّه أنشدها على ابن زياد ، وفي كشف الغمّة
للأربلي ومقتل الخوارزمي ٢ ص ٤٠ : إنّ بشر بن مالك أنشدها على ابن زياد. وفي مطالب
السؤول لابن طلحة ص ٧٦ ، زاد عليهما (ومن يصلّي القبلتين في الصبا) ، فغضب عليه
ابن زياد وقتله. وفي رياض المصائب ص ٤٣٧ : إنّ الشمر قائلها.
وأنت إذا عرفت إنّ الشمر هو قاتل الحسين
(ع) كما في زيارة النّاحية وعليه جماعة من المؤرّخين ، تعرف أنّه المنشد لها ؛ إذ
من البعيد أن يقتله ويأخذ الرأس غيره فيفوته التقرّب عند ابن زياد ، وإنّما ذكرنا
القصّة عن خولي مماشاةً مع أهل المقاتل. وفي المعجم ممّا استعجم ٢ / ٨٦٥ ، ووفاء
الوفاء للمسعودي ٢ / ٢٣٢ ، عند ذكر حمي ضريه ، قال : ضريه من مياه الضباب في
الجاهليّة لذي الجوشن الضبابي والد الشمر قاتل الحسين بن علي (ع).
[٣] نفس المهموم ص ٢٠٤.
وفي مستدرك الوسائل للنوري ٢ ص ٢٣٤ الطبعة الاُولى : روى الشيخ المفيد والسيّد ابن
طاووس بالإسناد عن الصادق (ع) أنّه صلّى في القائم المائل بطريق الغري ركعتين وقال
: «ههنا وضعوا رأس جدّي الحسين (ع) لمّا توجّهوا من كربلاء ، ثمّ حملوه إلى عبيد
الله بن زياد». ثمّ ذكر دعاء يُدعا به بعد الصلاة ، وقال : «هذا الموضع يعرف
بالحنانة ..