فجائت كندة بثلاثة
عشر وصاحبهم قيس بن الأشعث ، وجاءت هوازن باثني عشر وصاحبهم شمر بن ذي الجوشن ، وجاءت
تميم بسبعة عشر ، وبنو أسد بستة عشر ، ومذحج بسبعة ، وجاء آخرون بباقي الرؤوس [١]
، ومنعت عشيرة الحر الرياحي من قطع رأسه ورضّ جسده [٢].
وسرّح ابن سعد في اليوم العاشر رأس
الحسين (ع) مع خولى بن يزيد الأصبحي وحميد بن مسلم الأزدي ، وسرّح رؤوس أهل بيته
وصحبه مع الشمر وقيس بن الأشعث وعمرو بن الحَجّاج [٣].
وكان منزل خولي على فرسخ من الكوفة ، فأخفى
الرأس عن زوجته الأنصاريّة ؛ لِما يعهده من موالاتها لأهل البيت (عليهم السّلام) إلاّ
أنّها لمّا رأت من التنّور نوراً راعها ذلك ؛ إذ لم تعهد فيه شيئاً ، فلمّا قربت
منه سمعت أصوات نساء يندبن الحسين (ع) بأشجى ندبة ، فحدّثت زوجها وخرجت باكية [٤]
ولَم تكتحل ولم تتطيّب حزناً على الحسين (ع) وكان اسمها العيوف [٥].
وعند الصباح غدا بالرأس إلى قصر الإمارة
، وقد رجع ابن زياد في ليلته من معسكره بالنّخيلة فوضع الرأس بين يدَيه وهو يقول :
إملأ ركابي فضّة أو ذهبا
إنّي قتلت السيّد المحجّبا
وخيرهم من يذكرون النسبا
قتلت خير الناس اُمّاً وأبا
فساء ابن زياد قوله أمام الجمع فقال له
: إذا علمت إنّه كذلك فلِمَ قتلته؟ والله لا نلت منّي شيئاً [٦].
[١] اللهوف ص ٨١ ، وعمدة
القاري في شرح البخاري للعيني ٧ ص ٦٥٦ ، وفيه كان معهم عروة بن قيس.
[٤] روضة الشهداء ، وفي
البداية لابن كثير ٨ ص ١٩٠ : إنّ زوجته رأت النور يسطع من تحت الاجانة إلى السّماء
وطيوراً بيضاً ترفرف حولها ، وإنّ زوجته الاُخرى نوار بنت مالك قالت له : أتيت
برأس ابن رسول الله صلّى الله عليه وآله! لا يجمعني وإيّاك فراش أبداً ، ثمّ فارقته.
[٦] في مرآة الجنان
لليافعي ١ ص ١٣٣ : إنّ ابن زياد غضب عليه وقتله ، ولَم يسمّ حامل الرأس ، وفي
العقد الفريد ٢ ص ٢١٣ : سمّاه خولي ابن يزيد الأصبحي ، وقتله ابن زياد لذلك.
واختلف المؤرّخون فيمَن جاء بالرأس وقائل الأبيات ؛ فعند ابن جرير الطبري ٦ ص ٢٦١
، وابن الأثير ٤ ص ٣٣ : سنان بن أنس