وفي الصفاح لَقِي الحسين (ع) الفرزدق بن
غالب الشاعر ، فسأله عن خبر النّاس خلفه ، فقال الفرزدق : قلوبهم معك والسيوف مع
بني اُميّة ، والقضاء ينزل من السماء. فقال أبو عبد الله (ع) : «صدقت لله الأمر ، والله
يفعل ما يشاء ، وكلّ يوم ربّنا في شأن ، إنْ نزل القضاء بما نحبّ فنحمد الله على
نعمائه وهو المستعان على أداء الشكر ، وان حال القضاء دون الرجاء فلم يعتد مَن كان
الحقّ نيّته والتقوى سريرته» ، ثمّ سأله الفرزدق عن نذور ومناسك ، وافترقا [١].
ويروى عن الفرزدق أنّه قال : خرجت من
البصرة اُريد العمرة فرأيتُ عسكراً في البرية ، فقلتُ : عسكر من؟ قالوا عسكر حسين
بن علي ، فقلتُ : لأقضينّ حقّ رسول الله (ص) فأتيته وسلّمت عليه ، فقال : «مَن
الرجل؟» قلت : الفرزدق بن غالب ، فقال : هذا نسب قصير ، قلت : أنت أقصر منّي نسباً
أنت ابن بنت رسول الله [٢].
ذات عرق
وسار أبو عبد الله (ع) لا يلوي على أحد
، فلقي في ذات عرق [٣]
بُشْرَ
[١] تاريخ الطبري ٦ ص
٢١٨ ، وكامل ابن الأثير ٤ ص ١٦ ، والارشاد للمفيد. وفي تذكرة الحفاظ للذهبي ١ ص ٣٣٨
: كانت ملاقاة الفرزدق معه بذات عرق. وفي معجم البلدان : الصفاح : بين حنين وانصاب
الحرم بسرة الداخل إلى مكة.
[٢] أنوار الربيع
للسيد علي خان ، باب التكرار ص ٧٠٣.
[٣] في البحر الرائق
لابن نجيم الحنفي ٢ ص ٣١٧ : بين ذات عرق ومكة مرحلتان. وفي الفروع لابن مفلح ٢ ص ٢١٦
: بينهما ليلتان ، وسمي بجبل صغير فيه ، كما في تاج العروس ٧ ص ٨ ، وذات عرق عند
أهل السنة ميقات أهل الشرق ومنه العراق وخراسان ، وروايات الإمامية تحكي توقيت
رسول الله للعراقيين العقيق ، واستحسنه الشافعي في الام ٢ ص ١١٨ ؛ لاعتقاده أنّ
ذات عرق غير منصوص عليه ، وإنّما وقّته عمر ، كما في البخاري عن ابن عمر ، وفي
المغني لابن قدامة ٣ ص ٢٥٧ : عن ابن عبد البر الاحرام من العقيق أولى ، وإنْ كان
ذات عرق ميقات أهل الشرق أجمع ، وفي فتح الباري ٣ ص ٢٥٠ : قطع الغزالي والرافعي
والنووي والمدونة لمالك : أنّ ذات عرق غير منصوص ، وصحح الحنفية والحنابلة وجمهور
الشافعية أنّه منصوص. وفي معجم البلدان ٦ ص ١٩٩ : يقع العقيق ببطن وادي ذي الحليفة
، وهو أقرب منها إلى مكّة ، واحتاط فقهاء الإماميّة بترك الاحرام من ذات عرق ، وهو
آخر العقيق.