الهمداني البصري ، وكان
من كبار شيعة أمير المؤمنين (عليه السّلام) بالبصرة ، جليل القدر في أصحابنا [١]
، شهد صفّين وقاتل مع عمار بن ياسر [٢].
ولشرفه وجاهه ولاّه عبيد الله بن زياد من قِبَل معاوية كرمان [٣]
، وكانت له مواصلة وصحبة مع هاني ابن عروة. فمرض مرضاً شديداً عاده فيه ابن زياد ،
وقبل مجيئه قال شريك لمسلم (ع) : إنّ غايتك وغاية شيعتك هلاكه ، فأقم في الخزانة
حتّى إذا اطمأنّ عندي ، اخرج إليه واقتله ، وأنا أكفيك أمره بالكوفة مع العافية [٤].
وبينا هم على هذا إذ قيل الأمير على
الباب ، فدخل مسلم الخزانة ودخل عبيد الله على شريك ، ولمّا استبطأ شريك خروج مسلم
، جعل يأخذ عمامته من على رأسه ويضعها على الأرض ثمّ يضعها على رأسه فعل ذلك
مراراً ، ونادى بصوت عال ـ يسمع مسلماً ـ :
ما تنظرون بسلمى لا تحيوها
حيوا سليمى وحيوا من يحييها
هل شربة عذبة أسقى على ظمأ
ولو تلفت وكانت منيتي فيها
وان تخشيت من سلمى مراقبة
فلست تأمن يوماً من دواهيها
ولم يزل يكرّره وعينه رامقة إلى الخزانة
، ثمّ صاح بصوت رفيع ـ يسمع مسلماً ـ : اسقونيها ولو كان فيها حتفي [٥].
فالتفت عبيد الله إلى هاني وقال : ابن
عمّك يخلط في علّته ، فقال هاني : إن شريكاً يهجر منذ وقع في علّته ، وانه ليتكلّم
بما لا يعلم [٦].
فقال شريك لمسلم : ما منعك منه؟ قال
خلتان ؛ الاُولى : حديث علي (ع) عن
نزوله بالكوفة في [بيت]
هاني بن عروة ؛ فإنّه من عشيرته ولحمته ، ولو كان ابن الحارث همدانياً لنزل في بيت
والده ، مات الحارث الهمداني سنة (٦٥ ـ).