نام کتاب : رسائل آل طوق القطيفي نویسنده : الشيخ أحمد آل طوق جلد : 1 صفحه : 46
ظلم وجهل ، تعالى الله عن ذلك علوّاً كبيراً.
ولكنّه تعالى
لمّا كان جواداً حكيماً غنيّاً بذاته ، منّ على خلقه بأن أوجدهم من العدم وأخرجهم
إلى الوجود من غير حاجةٍ منه لهم ، ولكن ليعرفوه ويوحّدوه ويعبدوه لينالوا منه ،
وليتفضّل عليهم بالبقاء الدائم والوجود الذي لا يفنى ، والخير الذي لا ينقطع ،
وهذا لا يمكن إدراكه إلّا بمعرفته تعالى وعبادته ، لأنه لا يمكن أن يكون في الدنيا
، لأنها ذائبة مضمحلّةٌ أبداً ، ومرجعها إلى الفناء والانقطاع ، كما هو مشاهد من
حالها.
فخلقَ سبحانه
وتعالى بني آدم مختارين ، بمعنى أن لهم القدرة على الفعل والترك والطاعة والمعصية
، كما يشاهده الإنسان في غيره ويحسّ به ويدركه من نفسه. ولو لم يكونوا كذلك لما
تحقّقت منهم الطاعة والمعصية ، وتميّزت كلّ منهما عن الأُخرى ؛ فإنك تعلم بالضرورة
أن السكّين والمنشار إذا قطع بهما شيء لا يصحّ نسبة الطاعة لهما ولا المعصية ،
فإنهما مجبوران على القطع.
وكذلك لو وقف
إنسان على آخر بسيف وهو جبّار متسلّط وألزمه بأكل شيء أو يقتله ، فإن المضطرّ
المجبور لا تصحّ نسبة الطاعة إليه ، وكذا لو ألقيت شيئاً في النار فأحرقته [ فإنها
] لم تعدّ طائعة ، ولو لم تحرقه لم ينسب لها أحد من العقلاء المعصية ؛ لأن إحراقها
بالطبع لا بالشعور والقصد ، والطاعة والمعصية إنما تتحقّق ممّن له شعور وقصد إلى
ما يفعله من غير جبر ولا إلجاء إذا كان قادراً على فعله وتركه واختار هو أحد
الأمرين بنفسه وإرادته.
نام کتاب : رسائل آل طوق القطيفي نویسنده : الشيخ أحمد آل طوق جلد : 1 صفحه : 46