مذكّى وميتة ، والجبن الّذي منه ما عمل من لبن طاهر ، ومنه ما عمل من لبن
نجس ، وكجوائز الظالم. والشارع لعموم البلوى بذلك ، وحصول الحرج المنافي لسعة
الدين المحمدي ، وسهولة الحنفية السمحة ؛ حلّل جميع ما في الأسواق ، وما في أيدي
الناس من ذلك وإن علم دخول الحرام فيه مع مجهوليّته ، حتى يعلم الحرام بعينه.
وقد ورد
التصريح بهذا المضمون في عدّة أخبار [١] كما لا يخفى على من جاس خلال تلك الديار.
وأما
عن الحديث الخامس ـ وهو : «رفع القلم» ـ [فما] [٢] اجيب عن نظائره.
وبالجملة
، فغاية ما
يستفاد من هذا الخبر ، وكذا الخبر الثاني والثالث هو معذوريّة الجاهل بالحكم
الشرعيّ ، ونحن لا ندفعه بل نقول به إلّا إنا نقول : كما [٣] يجب الخروج عن
مضمون هذه الأخبار بالعلم بسائر الأحكام من وجوب أو تحريم أو نحوهما ، وترتفع بذلك
المعذوريّة ، كذلك ترتفع بالعلم بوجوب التوقّف والاحتياط المستفاد عن الأخبار الآتية
، فيما لم يرد فيه نص شرعي ؛ فإن التوقّف والاحتياط أحد الأحكام الشرعيّة كما
سيأتي بيانه.
ثم إن قوله
أخيرا : (إنا مكلفون) ـ إلى آخره ـ إن أراد بالحكم المذكور هو الحكم خاصة ، فهو
ظاهر البطلان ، بل العمل بالحكم العامّ أيضا واجب كالخاصّ بشرط أن يكون الفرد الّذي
يراد إثباته [٤] بيّن الفردية وإلّا لاحتاج إلى دليل آخر. وقد وصل إلينا
النصّ العامّ المتواتر بمعنى أنا [٥] مكلّفون في كلّ واقعة بحكم
[١] انظر مثلا وسائل
الشيعة ٢٥ : ١١٧ ـ ١٢٠ ، أبواب الأطعمة المباحة ، ب ٦١.