من ذلك أنّ المراد نفي الحكم بلسان نفي الموضوع ، فيصير ذلك حاكما على
أدلّة نجاسة الدم ، فتأمّل. مع أنّ الأمر بعد إنكار العموم والإطلاق في الدم سهل.
الجهة
الثالثة ؛ في حكم الدم
وغيره من النجاسات في البواطن ، وهذا من أهمّ مباحث النجاسات [١].
ومجمل القول
فيه حيثما تقتضيه القواعد هو الالتزام بالطهارة على أحد الوجهين : إمّا أن يبنى
على نجاسة الدم مطلقا ، بأن نقول : وإن كان أصل الحكم مصطادا من الموارد الجزئيّة
والمواقع الخاصّة ، إلّا أنه ليس شأن حكم الدم إلّا كسائر الأحكام الشرعيّة
الكليّة من الموارد الخاصّة ، فإنّ العرف إذا قيل له : دم البقر مثلا نجس لا يفرّق
بينه وبين دم الغنم وسائر الحيوانات ، وكذلك لا يفرّق بين محالّه من الظاهر
والباطن ، كما إذا قيل : هذا الخمر حرام ، فأينما كانت يفهم منه الحرمة مطلقا وإن
كان المشار إليه إناء مخصوصا.
فعلى هذا لا
يبقى مجال للتشكيك من حيث إطلاق نجاسة الدم والبول ونحوه في البواطن ، إلّا أنّه
لمّا كان شرط تأثير النجس قابليّة المحلّ للتنجّس ، فكلّ ما يشكّ فيها فلمّا لا
أصل ولا دليل [في المقام] يثبت القابليّة ، فقاعدة الطهارة محكمة [٢].
فعلى هذا نفس
البواطن لا ينبغي الحكم بنجاستها ، كباطن الفم والأنف وغيرهما إذا خرج منهما الدم
؛ لإمكان أن يكون البواطن كالأجسام الصقيلة
[٢] ولا يلزم منه
تقييد في إطلاق نجاسة الدم ، كما إذا قيل : الكرّ لا ينفعل ، لا يوجب التخصيص في
عموم النجاسات ؛ لأنّ الكرّ غير قابل للانفعال ، «منه رحمهالله».