وحاصل مقالة
هؤلاء الجماعة عدم وجود الدليل على الانفعال ، وإنّما القدر المتيقّن من الأدلّة
هو تأثير الأعيان النجسة وبعض أقسام المتنجّس ، كالمائع منه الملاقي للنجس ، كما
يدلّ عليه الأخبار الدالّة على غسل الإناء الواقع فيها النجاسة أو شرب منها الكلب
، مع الالتزام بعدم الملازمة بين شربه ومسّه نفس الإناء والكأس ، وأمّا المتنجّسات
الجامدة الّتي ليست فيها عين النجاسة كالمتنجّس بالدم أو القذر الّذي يبس وذهب
عينهما ، فلا دليل على التنجّس بها حينئذ ولو كان الملاقي رطبا ، وأمّا الأوامر
الواردة في غسل الثياب ونحوه فإنّما هي لاشتراط طهارته في الصلاة ، فلا يتوهّم
أنّها لدفع السراية حتّى يتمسّك بإطلاقها وشمولها لما إذا يبست النجاسة وذهبت
عينها من الثوب.
هذا ؛ ولكن هذا
الجواب وإن سلّم في مثل الثوب ، ولكن لا يتمّ بالنسبة إلى تطهير الفرش والبساط
وغيرهما من الآلات ، مضافا إلى أنّ نفس تلك الأخبار الدالّة على لزوم غسل الإناء
ونحوها ، الشاملة لحال تجدّد النجاسة ويبوسة الإناء تكفي للدلالة على المدّعى ،
كما لا يخفى.
وأمّا حملها
على التنزّه عن النجاسات مطلقا في الأكل والشرب كما ترى ، على أنّ الظاهر أنّ
المسألة إجماعيّة ، بل السيرة العمليّة على الاجتناب عن ملاقي المتنجّسات مطلقا
المنتهية إلى زمان المعصوم عليهالسلام محقّقة ، كما ادّعى شيخنا قدسسره استاد الأساطين في طهارته في بحث الماء المضاف كون
المسألة ضروريّة [١] ، فعلى هذا لا ينبغي ترك الاحتياط في المسألة ، وإن كان
الالتزام بالنجاسة فيما إذا تعدّت الواسطة وتجاوزت عن الأولى والثانية في غاية
الإشكال ؛ لعدم شمول الأدلّة لها ، فراجع وتدبّر.