أيضا إذا تصوّر عدّة امور واعتبر اجتماعها ، أو تصوّر أمرا مقيّدا بأمر
وجوديّ أو عدميّ ينتزع منه الجزئيّة والشرطيّة ، فإنّ تصوّرها هكذا عين الجزئيّة
والشرطيّة ، ولا يحتاج إلى تصوّر جزئيّته أو شرطيّته ، ولو لم يتصوّر يلزم البداء
والخلف ، كما ذكرنا ، ولو سلّم جعلها في عالم التصوّر ، لا ينتج بالنسبة إلى
الخارج بعلم.
وبعبارة اخرى ؛
فرق بين الامور الاعتباريّة والانتزاعيّة ، فإنّ الأوّل لها وجود متأصّل باعتبار
ما يعتبر فيها ، ولو لم يعتبر معتبر ، فإنّ الفوق فوق ، والتحتيّة للتحت ثابتة ،
ولو لم يعتبرهما أحد.
ويمكن أن يقال
: إنّ وجودها يكون من قبيل وجود الأعراض ؛ وبالجملة لها حظّ من الوجود مثل
الوجودات الحقيقيّة ، بخلاف الثانية ، فإنّها ليس لها وجود إلّا بالانتزاع ، وليس
لها وجود في موطن من المواطن ، فليست قابلة للجعل تأصّلا تشريعا ، فإنّه إذا قال
الشارع : اغسل ثوبك من النجاسة الفلانيّة مرّتين ، ينتزع منه شرطيّتهما في الطهارة
، وكذلك إذا قال : الصلاة [١] مشتمل على قراءة [الحمد] وسورة وغيره ينتزع منه
الجزئيّة ، وكذلك إذا قال : (أَوْفُوا
بِالْعُقُودِ)[٢] ينتزع منه سببيّة العقد للتمليك [٣] والتملّك.
والظاهر أنّ من
الواضحات إنّه لا تنال يد الجعل لهذه الامور إلّا تبعا ، والمخالف مكابر جدّا ،
وإن كان في تصويرها (دخلها) وارتباطها بالماهيّة ترتّب ، فإنّ الجزء مقدّم على
الشرط فإنّه من مقوّمات الذات ، والتقييد والقيد كلاهما
[١] وإن كان نفسها
قابلا للجعل ؛ لأنّهما من الامور الاعتباريّة ، كما قرّر في الاصول ، فتأمّل! «منه
رحمهالله».
[٣] وكذلك مقدميّة
المقدّمة ، فإنّها ليست قابلة للجعل وبوجوب ذي المقدّمة تجب هي قهرا ، مع أنّها
لها وجود على حدة في حيال وجود ذي المقدّمة ، فتأمّل! «منه رحمهالله».