الأوّل
: هل يكون
للأحكام الوضعيّة بحذاء الأحكام التكليفيّة جعل ووضع على حدة ، أم هي منتزعة منها؟
والظاهر أنّ الثاني هو الحقّ ، كما عليه المحقّقون ، وأنّ الاختلاف فيه إنّما يكون
في البديهيّات ، كما يظهر لمن رجع إلى وجدانه أنّ من يكون في مقام إنشاء أمر مركّب
من امور ، أو تكليف مشروط بامور وجودا أو عدما ، فإمّا أن يتعقّل ويتصوّر هذه
الامور فيحكم ويكلّف عليها ، أو لا ، فعلى الأوّل ؛ فإذا أنشأ فينتزع منه الحكم
الوضعي ، أي الجزئيّة والشرطيّة والمانعيّة ونظائرها ، ولا يحتاج بعد ذلك إلى جعل
آخر حتّى يقول : جعلت هذا جزء لذاك أو شرطا ، لأنّه يصير لغوا ، وهو محال على
الحكيم ، وعلى الثاني فانضمام ذاك الامور يوجب الخلف.
نعم ؛ يمكن ذلك
بالبداء وهو محال أيضا ، فإنّه لا بدّ لمن هو عالم بعواقب الامور من بيان كلّ ماله
دخل في مطلوبه من أوّل الأمر ، فلو أنشأ وكلّف بما هو مركّب أو مشروط بأربعة امور
، لا يعقل أن يضمّ إليه خامسا ، ويقول : جعلته جزء أو شرطا ، بل عليه أن يحكم من
الأوّل بالمركّب معه.
وبالجملة ؛ من
نفس إنشائه وجوب الصلاة عند الدلوك ينتزع السببيّة ، [ووجوبها] مع السورة ينتزع
الجزئيّة ، وإن أبيت فراجع إلى الموالي الظاهريّة إذا يقول : أكرم زيدا إن جاءك هل
يحكم بأمرين ، وهما سببيّة المجيء للإكرام ووجوبه عند المجيء ، أم لا ، بل ينشئ
امرا واحدا وهو وجوب الإكرام عند المجيء ثمّ ينتزع العبد منه السببيّة؟
وبما ذكرنا ظهر
أنّها ليست قابلة للجعل في عالم التصوّر أيضا ، فإنّ فيه