إلى اختيار الحقّ ، والتسلسل باطل ، فثبت أن يكون باختيار الحقّ.
وبعض العارفين
لقد جعل تلك الأنواع للتفكّر ، وفرّق بينه وبين التذكّر بأنّ التفكّر لا يكون إلّا
بعد فقدان المطلق ، لاحتجاب القلب بصفات النفس ، فيلتمس البصيرة مطلوبة.
وأمّا التذكّر
، فهو عند رفع الحجاب ، وخلوص خلاصة الإنسانيّة عن قشور صفات النفس ، والرجوع إلى
الفطرة الأولى ، فيتذكّر ما انطبع فيها في الأزل من التوحيد والمعارف بعد النسيان
بسبب التلبّس بغواشي تلك النشأة ؛ كما قال تعالى : (وَلَقَدْ عَهِدْنا
إِلى آدَمَ مِنْ قَبْلُ فَنَسِيَ)[١].
وقال : وأبنية
التذكّر ثلاثة أشياء :
الأوّل :
الانتفاع بالعظة ، وهو أن يأمر النفس بسماع الوعد والوعيد ، فينفعل من الوعد
بالرجاء الباعث على الاجتهاد في العمل لتحصيل المرجوّ ، ومن الوعيد بالخوف الباعث
على التقوى.
الثاني :
الاستبصار ، أي طلب التبصّر بنور البصيرة ، والسعي في طلب النجاة والسعادة
والكمال.
الثالث : الظفر
بثمرة الفكرة ، وهو على نوعين :
أحدهما : العمل
بمقتضى العلم الحاصل بالفكر الصائب في الأعمال ، والإخلاص ، فإنّه يوجب العمل
الصالح ، ومن عمل بما علم ورّثه الله علم ما لم يعلم.