التأثيرات كما شاهدناه وسمعناه ، إلّا أنّها تبعد العبد عن درجات القرب
السبحانيّ ، وتحجب بينه وبين مقام القدس الأزلانيّ ، فإنّ بالصراط المستقيم يهدى
السالك إلى المقصود ، ويفوز الطالب بمراتب الشهود ، ويتشرّف بالمقام المحمود. وليس
الصراط المستقيم الّذي لا يضلّ سالكه إلّا الشريعة المحمّديّة الّتي شرّعها خاتم
مراتب النبوّة صلّى الله عليه وآله ، وهي الطريق الأسدّ إلى الله تعالى ، فمن
لزمها وصل إلى الحقّ ، ومن تركها يضلّ عن الهدى ، ولا يصل إلى الحقّ أبدا ؛ إذ
المقاصد تطلب بالمسالك ، والمطالب تنال بالمدارك.
وتلك الرياضات
الّتي ابتدعها المبتدعة من الصوفيّة منهيّ عنها في تلك الشريعة ، ولا يتعلّق النهي
بشيء إلّا بعد كمون الفساد في حقيقته ؛ يعرفه الكامل الواقف على حقائق الأمور ،
العارف بمصالحها ومفاسدها في عالم الظهور.
فكفى النهي
الصادر عن خليفة الحقّ ونائبه في قبح تلك الأعمال المخترعة وفسادها ، وعدم تأثيرها
في الوصول إلى القرب. كيف وهي حاجبة عن ذلك المقام لمكان النهي ، بل لو لم يكن
لتلك الأعمال مفسدة واقعيّة كفى في وجوب الاحتراز عنها النهي لوجوب إطاعة الكامل
الحكيم على الناقص الجاهل بالصراط المستقيم ، فمعصيته بعدم الاحتراز أكبر الحجابات
عن الفوز بالمقامات ، كيف وقد قال الله تعالى : (وَما آتاكُمُ
الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَما نَهاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا وَاتَّقُوا اللهَ إِنَّ
اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ)[١].