بحسب سعيهم وإمكانهم بالجنّة والحرير واتّكائهم على الأرائك إلى غير ذلك
ممّا أشير إليه في الآيات ، ولكن لا يدرك ذلك إلّا العارفون بأسرار القرآن وحقائقه
، فإنّ لباطن القرآن أهلا يفهمون الكنايات ، ويدركون الإشارات ، وهم المعصومون من
آل محمّد عليهم السلام والّذين علّمهم هؤلاء وهم الراسخون في العلم الّذين يعلمون
تأويل القرآن ؛ كما قال : (وَما يَعْلَمُ
تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ) ... [١] إلى آخره.
لا الّذين ما
استعدّوا إلّا للقشور ، فإنّهم لا يعرفون إلّا ظواهر الأمور ، لما في استعدادهم من
القصور ، عن درك حقائق النور ، فما عثروا على الكنوز ، وما اطّلعوا على الرموز ،
واقتصروا على الصورة وما تحسّسوا عن يوسف الحقيقة ، كلّا إنّهم عن حقائق الحقّ لمحجوبون.
ثمّ لا يخفى
أنّ في اختلاف تعبيره سبحانه إشارة إلى أنّ معارفهم ليست من صنف واحد ، بل مختلفة
باختلاف متعلّقها ، وكذلك مقاماتهم ليست متّحدة حتّى يكون مقام واحد ، بل متفاوتة
بعضها فوق بعض ، ولكن نحن لاشتغالنا بالحياة العنصريّة لا ندرك حقيقة مقام هؤلاء
المنقطعين ، بل كيفيّته ؛ فضلا عن اختلافه وتفاوته.
كيف ولسنا في
ذلك المقام حتّى ندركه ؛ إذ قد عرفت أنّ الخارج عن مقام لا يمكن له اكتناه ذلك
المقام كيفوفيّة وحيثوثيّة إلّا على طريق الإجمال ، وهو غير مفيد للحال إلّا إثبات
بعض الأحوال.
هذا فإنّه غاية
ما يمكن تقريره في نحو المقال ، فالحمد لله على كلّ حال.