و نهضنا معه، فإذا نصيب على المنحر [1] من صفر [2]. فلمّا عايننا و
عرف أبا عبيدة هبط؛ فسأله عن أمره، فأخبره أنه تبع قوما سائرين و أنه وجد آثارهم و
محلّهم بالفرش فاستولهه ذلك. فضحك به أبو عبيدة و القوم، و قالوا له:
إنما يهتر [3]
إذا عشق من انتسب عذريّا، فأمّا أنت فما لك و لهذا؟! فاستحيا و سكن. و سأله أبو
عبيدة: هل قلت في مقامك شعرا؟ قال: نعم! و أنشد:
[1]
كذا في النسخ. و لعله محرّف عن «المنجى» و هو الموضع الذي لا يبلغه السيل.
[2] صفر: جبل
أحمر من جبال ملل قرب المدينة. و قال الأديبيّ: صفر: جبل بفرش ملل، كان عنده منزل
أبي عبيدة بن عبد اللّه بن زمعة بن الأسود بن المطلب بن أسد بن عبد العزى جد ولد
عبد اللّه بن الحسن بن علي بن أبي طالب، و به صخرات تعرف بصخرات أبي عبيدة.
[3] أهتر
الرجل- بالباء للمفعول و أهتر بالبناء للفاعل نادر-: ذهب عقله من كبر أو مرض أو
حزن.
و الثويان:
مثنى ثويّ و هو المقيم معك في مكان واحد.
[5] في
ياقوت، عبود: جبل بين السّيالة و ملل له ذكر في «المغازي». و قيل إنه البريد الثاني
من مكة في طريق بدر.
[6] في م، ت:
«وعدته» بالتاء و هو مصحف عن عدنه. و عدنه (بضم أوّله و سكون ثانيه): ثنيّة قرب
ملل لها ذكر في «المغازي».
[7] كذا في
ت. و فرّع في الجبل و أفرع: انحدر، قال الشماخ:
فإن كرهت هجائي فاجتنب سخطي
لا يدركنك إفراعي و تصعيدي
و صبا،
الظاهر أنها هنا مصدر من صب اللازم، لا وصف من الصبابة، يقال: صب في الوادي، إذا
انحدر فيه. و في ر: «يفزع صبا أو سقيما مصعدا». و في م: «يفرع صبا أو هما مصعدا».
و يظهر أن كليهما محرّف عن الأوّل. و في سائر النسخ:
و جمت شجوني و استهلت مدامعي
يريد: كثرت
أحزاني و تتابعت دموعي.
[8] انتكف
الأثر: تتبّعه في مكان سهل، و ذلك لأن الأثر لا يتبين في الأرض الغليظة الصلبة.