مهدت لنفسي و مهّدت أي جعلت لها
مكانا وطيئا سهلا، و يمهدون: يوطئون. و تمهيد الأمور: تسويتها و إصلاحها، و تمهيد
العذر: قبوله و بسطه[7].
تحدث السيوطي في المحسنات المعنوية
عن «تمهيد الدليل» و قال: «هذا نوع ثالث اخترعته و سميته تمهيد
الدليل، و هو أن يقصد الحكم بشيء فيرتب له أدلة تقتضي تسليمه قطعا بأن يبدأ
بالمقصود و يخبر عنه بجملة مسلّمة، ثم يخبر عن تلك الجملة بأخرى مسلّمة فيلزم ثبوت
الحكم للأول بأن يحذف الوسط و يخبر بالأخير عن الأول. و هذا شكل من أشكال
المناطقة، و نحن أهل السنة لا نتبعهم أصلا، و هم مصرحون بأنّه في طبع أهل الذوق و
الذكاء، و القرآن و السنة طافحان باستعماله ثم تارة يكون الوسط جملة واحدة و تارة
يكون أكثر. فمن الأول قوله- صلّى اللّه عليه و سلّم-: «لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، و لا تؤمنوا حتى تحابّوا» لأنّه يصح أن
يحذف الوسط فيقال: «لا تدخلوا الجنة حتى تحابوا، لم يؤمن
باللّه من لم يؤمن بي، و لم يؤمن بي من لا يحب الانصار»[8].
التّناسب:
ناسبه: شركه في نسبه، المناسبة:
المشاكلة،[9] و
تناسبا: تماثلا و تشاكلا، و التّناسب من تناسب.
تحدّث بشر بن المعتمر في صحيفته عن
التناسب بين الألفاظ و المعاني فقال: «و من أراغ معنى كريما فليلتمس له لفظا كريما، فانّ حق المعنى الشريف
اللفظ الشريف»[10].
و قال الجاحظ عن تناسب الألفاظ و
المعاني: «إلا أنّي أزعم أنّ سخيف الألفاظ مشاكل
لسخيف المعاني»[11].
و قال: «و متى شاكل- أبقاك اللّه- ذلك اللفظ
معناه و أعرب عن فحواه، و كان لتلك الحالة وفقا و لذلك القدر لفقا و خرج من سماجة
الاستكراه و سلم من فساد التكلف كان قمينا بحسن الموقع و بانتفاع المستمع و أجدر
أن يمنع جانبه من تناول الطاعنين و يحمي عرضه من اعتراض العائبين، و ألا تزال
القلوب به معمورة و الصدور مأهولة»[12].