نام کتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها نویسنده : احمد مطلوب جلد : 1 صفحه : 36
و الرونق و بيان أخذه منه أنّ
مواضع الحذف من الكلام شبهت بالفرج بين الخيوط فلما أدركها الناقد البصير بصوغه
الماهر في نظمه و حوكه فوضع المحذوف مواضعه كان حابكا له مانعا من خلل يطرقه فسدّ
بتقديره ما يحصل به الخلل مع ما أكسبه من الحسن و الرونق»[1].
و الاحتباك أحد أقسام الحذف و قد
سماه الزركشي «الحذف المقابلي» و عرّفه بقوله: «هو أن يجتمع في الكلام متقابلان فيحذف
من واحد منهما مقابله لدلالة الآخر عليه»[2]. و ذكره السيوطي باسم «الاحتباك» و قال عنه: «و هو من ألطف الأنواع و أبدعها و قلّ من تنبه له أو نبّه عليه من أهل
البلاغة، و لم أره إلّا في شرح بديعية الاعمى لرفيقه الاندلسي و ذكره الزركشي في
البرهان و لم يسمه هذا الاسم بل سماه «الحذف المقابلي»، و أفرده بالتصنيف من أهل العصر العلامة برهان الدين
البقاعي. قال الاندلسي في شرح البديعية: من أنواع البديع الاحتباك، و هو نوع عزيز،
و هو أن يحذف من الأول ما أثبت نظيره في الثاني، و في الثاني ما أثبت نظيره في
الاول»[3].
و منه قوله تعالى:أَمْ يَقُولُونَ
افْتَراهُ، قُلْ إِنِ افْتَرَيْتُهُ فَعَلَيَّ إِجْرامِي وَ أَنَا بَرِيءٌ مِمَّا
تُجْرِمُونَ[4].
الأصل: فان افتريته فعليّ إجرامي و انتم برآء منه، و عليكم إجرامكم و
أنا بريء مما تجرمون. فنسبة قوله تعالى:إِجْرامِي و هو الاول إلى قوله: (و عليكم
إجرامكم) و هو الثالث كنسبة قوله: (و أنتم براء منه) و هو الثاني الى قوله تعالى:وَ أَنَا بَرِيءٌ
مِمَّا تُجْرِمُونَ و هو الرابع، و اكتفى من كل متناسبين بأحدهما.
و منه قوله تعالى:فَلْيَأْتِنا بِآيَةٍ
كَما أُرْسِلَ الْأَوَّلُونَ[5] تقديره: إن أرسل فليأتنا بآية كما
أرسل الأولون فاتوا بآية.
و منه قوله تعالى:وَ أَدْخِلْ يَدَكَ فِي
جَيْبِكَ تَخْرُجْ بَيْضاءَ مِنْ غَيْرِ سُوءٍ[6]، تقديره: أدخل يدك تدخل و اخراجها
تخرج، إلّا انه قد عرض في هذه المادة تناسب بالطباق فلذلك بقي القانون فيه الذي هو
نسبة الأول الى الثالث، و نسبة الثاني الى الرابع على حالة الاكثرية فلم يتغير عن
موضعه و لم يجعل بالنسبة التي بين الاول و الثاني، و بين الثالث و الرابع و هي
نسبة النظير، كقول الشاعر:
و
إني لتعروني لذكراك هزّة
كما
انتفض العصفور بلّله القطر
أي: هزة بعد انتفاضة كما انتفض
العصفور بلله القطر ثم اهتز.
و قد يحذف من الأول لدلالة الثاني
عليه، و قد يعكس، و قد يحتمل اللفظ الأمرين. فالاول: كقوله تعالى:إِنَّ اللَّهَ وَ
مَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ[7] في قراءة من رفع «ملائكته» أي: أنّ اللّه يصلي فحذف من الأول لدلالة الثاني عليه و ليس عطفا
عليه.
و الثاني: كقوله:يَمْحُوا اللَّهُ ما
يَشاءُ وَ يُثْبِتُ[8] أي: ما يشاء.
و الثالث: كقوله:وَ اللَّهُ وَ رَسُولُهُ
أَحَقُّ أَنْ يُرْضُوهُ[9]، فقد قيل: إنّ «أحق» خبر عن اسم اللّه تعالى، و قيل بالعكس.
الاحتجاج النّظريّ:
احتج بالشيء اتخذه حجة، و الحجة
البرهان
[1]الاتقان
ج 2 ص 62، شرح عقود الجمان ص 133، معترك الأقران ج 1 ص 323.