نام کتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها نویسنده : احمد مطلوب جلد : 1 صفحه : 29
23- إنّ الشفع
الروح و الجسد إذا كانا معا، و الوتر الروح بلا جسد، فكأنه- تعالى- أقسم بها في
حالتي الاجتماع و الافتراق.
و من الاتساع فواتح السور المشتملة
على حروف التهجي، فانّ التأويل فيها متسع أيضا.
و من أمثلته الشعرية قول امرئ
القيس:
مكر
مفر مقبل مدبر معا
كجلمود
صخر حطّه السيل من عل
فانه أراد أنّه يصلح للكر و الفر و
يحسن مقبلا مدبرا، ثم قال «معا» أي
جميع ذلك فيه و شبهه في سرعته و شدة جريه بجلمود صخر حطه السيل من أعلى الجبل،
فاذا انحط من عال كان شديد السرعة فكيف اذا أعانته قوة السيل من ورائه. و ذهب قوم
الى أنّ معنى قوله:
«كجلمود صخر حطّه السيل من عل» انما هو الصلابة؛ لان الصخر عندهم كلما كان
أظهر للشمس و الريح كان أصلب. و قال بعضهم: إنّما أراد الافراط فزعم أنّه يرى مقبلا
و مدبرا في حال واحدة عند الكر و الفر لشدة سرعته و اعترض على نفسه و احتج بما
يوجد عيانا فمثّله بالجلمود المنحدر من قنة الجبل، فانك ترى ظهره في النصبة على
الحال التي ترى فيها بطنه و هو مقبل اليك. و قال ابن رشيق بعد هذه التفسيرات: «و لعل هذا ما مرّ ببال امرئ القيس، و
لا خطر في وهمه، و لا وقع في خلده و لا روعه»[1]. و قال المصري أيضا: «و لم تخطر هذه المعاني بخاطر الشاعر
في وقت العمل، و انما الكلام إذا كان قويا من مثل هذا الفحل احتمل لقوته وجوها من
التأويل بحسب ما تحتمل ألفاظه و على مقدار قوى المتكلمين فيه و لذلك قال الاصمعي: «خير الشعر ما أعطاك معناه بعد مطاولة»[2].
و منه قول الحماسي:
بيض
مفارقنا تغلي مراجلنا
نأسوا
بأموالنا آثار أيدينا
فانّ التأويل اتسع في قوله: «بيض مفارقنا» فقيل: أراد بذلك الطهارة
و العفاف، كقولهم: أبيض العرض و الشيم و الحسب. و قيل: أراد أنّهم كهول و مشايخ قد
حنكهم التجارب و ليسوا بالاغمار، و قيل: أراد أنّهم ليسوا بعبيد لأنّ فرق الانسان
اذا كان أبيض كان جميع جسده أبيض. و قيل: انحسار الشعر عن مقدم رؤوسهم لمداومتهم
لبس البيض و المغافر. و قيل:
معناه نحن كرام نكثر استعمال الطيب
فابيضت مفارقنا لذلك. و قيل: نحن مكشوفو الرؤوس لا عيب فينا فعبّر عن النقاء
بالبياض.