نام کتاب : معجم المصطلحات البلاغية و تطورها نویسنده : احمد مطلوب جلد : 1 صفحه : 182
ثم يتفق أن يستعمل كلمة أخرى
أجنبية فينافر ما بين اللفظين و ينافي ما بين المعنيين فيعود الى تلك الكلمة التي
استعملها في صدر كلامه يعكسها هجاء و يعيدها في أول الفصل الثاني. و هو مثل قولك: «أفاض اللّه عليك نعمه، و أضاف اليك
قسمه» و منه: «قرّف فلان بتكذيبه ففرق بينه و بين
محبوبه» و يقال: «لاح لفلان سبيل رشده فحال بينه و بين
ضده». و منه:
و هذا هو الضرب الثاني من المشبه
بالتجنيس الذي سمي معكوسا، و قد ذكر ابن الاثير عكس الحروف[2]، و هو شبيه بما ذكره ابن شيث.
الإلهاب:
ألهب: أوقد، و ألهب البرق إلهابا،
و إلهابه تداركه حتى لا يكون بين البرقتين فرجة، و ألهب في الكلام:
أمضاه بسرعة، و الأصل فيه: الجري
الشديد الذين يثير اللهب و هو الغبار الساطع كالدخان المرتفع من النار[3].
و قد ذكر العلوي فنا سماه «الالهاب و التهييج» و قال إنّهما: «مقولان على كل كلام دال على الحث على
الفعل لمن لا يتصور منه تركه و على ترك الفعل لمن لا يتصور منه فعله و لكن يكون
صدور الأمر و النهي ممن هذه حاله على جهة الالهاب و التهييج له على الفعل أو الكف
لا غير»[4].
فالأمر مثاله قوله تعالى:فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصاً لَهُ الدِّينَ[5]، و قوله:
فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ
الْقَيِّمِ[6] و
قوله:فَاسْتَقِمْ
كَما أُمِرْتَ[7].
و المعلوم من حاله- عليه السّلام- أنه حاصل على هذه الأمور كلها من
عبادة اللّه تعالى و إقامة وجهة للدين و الاستقامة على الدعاء اليه لا يفتر عن ذلك
و لا يتصور منه خلافها لأنّ خلافها معصوم منه الأنبياء فلا يمكن تصوره من جهتهم
بحال و لكنّ ورودها على هذه الاوامر إنّما كان على جهة الحث له بهذه الأوامر و
أمثالها. و كذلك ورد في المناهي كقوله تعالى:فَلا تَكُونَنَّ مِنَ
الْجاهِلِينَ[8]، و قوله:لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ
الْخاسِرِينَ[9].
و حاشاه أن يكون جاهلا أو أن يفعل أفعال السفهاء و الجهال.
و أنّى يخطر بباله الشرك باللّه و
هو أول من دعا الى عبادته و حثّ عليها، و هكذا القول فيما كان واردا في الأوامر و
النواهي- له- عليه السّلام- فإنّما كان على جهة الإلهاب على فعل الأوامر و
الانكفاف عن المناهي و التهييج لداعيته و حثا له على ذلك. فالأمر في حقه على تحصيل
الفعل و الكف عن المناهي فيما كان يعلم وجوبه عليه و يتحقق الانكفاف عنه إنّما هو
على جهة التأكيد و الحثّ بالتهييج و الالهاب، فهذان نوعان من الكلام يردان في
الكلام الفصيح و الخطب البالغة، و لو لا موقعهما في البلاغة أحسن موقع ما وردا في
كتاب اللّه- تعالى- الذي أعجز الثقلين الاتيان بمثله أو بأقصر سورة من سوره.
و لم يرد هذا الفن إلا في كتاب «الطراز» للعلوي، و لعله يدخل في خروج الأمر و النهي عن غرضيهما الحقيقيين، و
الغرض المجازي في كل منهما هو الالهاب و التهييج.
الامتحان:
امتحن القول: نظر فيه و دبره، و
امتحن اللّه قلوبهم: