نام کتاب : الهيات المحاكمات نویسنده : الرازي، قطب الدين جلد : 1 صفحه : 411
و محصّل تقرير[1] السؤال:
إنّ الأفعال الصادرة من العبد إن وجب أن يكون مطابقة للعالم العقلي و هذا هو القدر
فلم يعاقبون على ذلك؟
و في جوابه طرائق:
الطريقة الأولى: طريقة الحكماء، و هي أنّ العقاب[2] لازم من لوازم أفعالهم، ففعلهم هو سبب له. و هذا كالمرض، فإنّ
الإنسان لمّا[3] احتاج إلى تناول الغذاء و تبقى عند كلّ هضم لطخة من الفضلات[4] تجتمع في بدن الإنسان من لطخات فضلات الهضوم مادّة كثيرة رديئة، حتّى
إذا أثرت الحرارة الغريبة فيها اشتعلت و حدثت الحمى او انصبّت[5] إلى عضو فتورّم[6] إلى
غير ذلك.
فكذلك حال العقاب، فإنّ الإنسان إذا فعل أفعالا رديئة تنقش في النفس
بحسب كلّ فعل ملكة رديئة[7] و
تجتمع على مرّ الأيّام[8] ملكات
رديئة متعدّدة، لكن ما دامت متعلّقة بالبدن كأنّها ذاهلة عنها. حتّى إذا فارقت
البدن تأذّت بها تأذّيا عظيما. فالعقاب إنّما هو لازم للأفعال[9] المذمومة وارد على النفس منها لا من خارج، و هونارُ اللَّهِ
الْمُوقَدَةُ[10]الَّتِي تَطَّلِعُ عَلَى الْأَفْئِدَةِ (7/ 104). و
أمّا العقاب الوارد من خارج كما أنبأ عنه الكتب الإلهية فإن أوّل رجع إلى الأوّل،
و إن لم يأوّل توقّف القول[11] به
على اثبات المعاد الجسماني.
و حينئذ لو سئل و قيل: لم يعاقب؟ فإن أريد أنّ غرض اللّه- تعالى- من
العقاب أيّ شيء هو؟ سقط السؤال، لأنّ أفعاله- تعالى- منزّهة عن الأغراض و إن كان
السؤال عن سبب العقاب فجوابه ظاهر، و هو أنّه لمّا ارتكب الأفعال المنهيّة عاقبة
اللّه- تعالى- على عصيانه.
نعم! يرد السؤال على وجه وجيه، و هو أنّ اللّه تعالى[12] خيّر محض بالذات و العقوبة شرّ محض،/ 33SB / فكيف صدرت من اللّه- تعالى-؟