نام کتاب : الهيات المحاكمات نویسنده : الرازي، قطب الدين جلد : 1 صفحه : 394
الأوّل[1] من ذاته، فقوله: «من ذاته»! بدل من قوله: «منه».
و الفهم السليم يقضي بأنّها راجعة إلى «العقل» [31]، أي: إدراك العقل لما بعد
العقل[2] و هو معلولاته من ذاته بخلاف إدراكه للأوّل[3]، فإنّه ليس[4] من ذاته، بل بإشراق الأوّل و هو علّته.
قال الإمام في شرح هذا الفصل: مراتب العلوم ثلاثة:
أوّلها: علم الأوّل، فإنّ علمه بذاته و بغيره من ذاته لما مرّ أنّ علمه
بذاته علّة لعلمه بغيره.
ثمّ علم المعقول[5] لعللها
و معلولاتها، لكن علمها بعللها[6] ليس
لها من ذواتها، بل من قبل عللها، و علمها بمعلولاتها من ذاته[7]، لأنّهم زعموا أنّ العلم
بالعلّة يوجب العلم بالمعلول و العلم بالمعلول لا يوجب العلم بالعلّة. و الفرق أنّ
العلّة المعيّنة لذاتها[8] المخصوصة
موجبة للمعلول المخصوص، فمتى علمت العلّة بذاتها المخصوصة علم ذلك المعلول و أمّا
المعلول فاحتياجه إلى العلّة ليس لذاتها[9] المخصوصة، بل لإمكانه و الإمكان لا يحوج إلى علّة مخصوصة، بل إلى
علّة ما، و إلّا افتقر كلّ معلول إلى تلك العلّة.
فما لم يكن تعيّن المعلول[10] من لوازم ذاته لم يلزم من العلم بنفسه العلم بعلّته المعيّنة،
فالعقول عالمة[11] بذواتها من ذواتها، لأنّها مجرّدة. و لمّا لم يوجب العلم بالمعلول
العلم بالعلّة فهي لا يعلم عللها من جهة ذواتها، بخلاف معلولاتها، لأنّ العلم
بذواتها[12] موجب للعلم بها.
ثمّ علم النفوس، فإنّه حادث/ 48JA / يحصل[13] من فيض العقول بحسب استعدادات مختلفة. هذا كلام الإمام و هو مصرّح
بما ذكرنا.
و ليت شعري إذا قيّد العلم بالتامّ[14] كيف يفرق بين القضيتين؟! فإنّ العلم بالمعلول من جميع الوجوه يقتضي
العلم بالعلّة، كما أنّ العلم بالعلّة من جميع الوجوه يقتضي العلم بالمعلول.