نام کتاب : الهيات المحاكمات نویسنده : الرازي، قطب الدين جلد : 1 صفحه : 267
و وجّه الإمام الحجّة بالوصول و اللاوصول بأنّ الحركة الواصلة إلى
حدّ معيّن فالقوّة المحرّكة إليه موجودة حال الوصول لاستحالة الوصول من غير علّة،
و الوصول آني لا كالحركة، فإنّها لا تقع في الآن. و إذا زال الاتّصال عن القوّة المحرّكة
يكون زوال الوصول في آن آخر، و بين الآنين زمان السكون.
و لا شكّ أنّ الاعتراض وارد عليه[1] أيضا، لجواز أن يكون الوصول[2] في آن هو طرف الزمان الّذي يحصل اللاوصول في كلّه. و قد صرّح به
الشيخ حيث قال: «و كذلك إن اوردوا[3] بدل
لفظ المباينة اللامماسّة، إذ لا فرق بين الوصول و المماسّة و اللاوصول و
اللامماسّة». و كأنّ نقل هذا الكلام من الشارح إنّما هو للتنبيه[4] على تزييف توجيه الإمام.
على أنّه حمل المحرّك الموصل على القوّة المحرّكة. و حينئذ يكون[5] التعرّض له و لوجوده في آن الوصول مستدركا في الاستدلال، إذ يكفي أن
يقال: الحركة الواصلة إلى حدّ يكون وصولها إلى ذلك الحدّ آني[6] و زوال الوصول عنه في آن آخر. و أمّا آن الوصول عن القوّة فلا دخل له
في الدلالة.
ثمّ إنّ الشارح قرّر الحجّة بميلين كما صرّح به[7] الشيخ في الشفاء و النجاة. و تقريرها:
إنّ الحركة الموصلة إلى حدّ إنّما يصدر عن علّة موجودة، و تلك العلّة
لها[8] اعتباران:
أحدهما: كونها مزيلة للمتحرّك عن حدّ ما مقرّبة له إلى الحدّ[9] الآخر، و يسمّى[10] بهذا
الاعتبار ميلا، إذ لا معنى للميل و الميلان إلّا الانصراف عن حدّ و التوجّه إلى
آخر.
و ثانيهما: كونها[11] موصلة
إلى الحدّ الّذي يتوجّه إليه[12]. و
من البيّن المكشوف أنّ معنى الاتّصال إلى الحدّ غير التقريب. و بهذا الاعتبار لا
يسمّى[13] ميلا و إن كان الموضوع واحدا. فتلك العلّة موجودة بهذا الاعتبار في
آن الوصول، لأنّه علّة الوصول، و العلّة باقية مع بقاء المعلول. فإذا انصرف عن ذلك
الحدّ فلا بدّ من وجود ميل آخر. لأنّ حركة الذهاب