هذا جواب سؤال آخر، و[5] هو
أن يقال: الدواء المصحّ[6] للبدن
أو المزيل للمرض يفيد صحّة البدن أو إزالة المرض، و لا شكّ أنّ صحّة البدن و إزالة
المرض ممّا ينبغي، فهو إفادة ما ينبغي بلا عوض[7]. فلزم أن يكون الدواء جوادا.
فأجاب: بأنّ الدواء لا يفيد بالذات إلّا كيفية في البدن ملائمة له أو
مضادّة للمرض، ثمّ إنّها توجب الصحّة أو إزالة المرض، فهو لا يفيد بالذات الصحّة
أو[8] إزالة المرض.
و هكذا حال سائر الفاعلات الطبيعية، فإنّ كلّ فاعل طبيعي يفعل شيئا،
و ذلك الفعل كمال له بالذات، و أمّا أنّه كمال لغيره فهو بالعرض.
و فيه نظر لأنّا نقول: هب! أنّ إفادة الدواء بالقياس إلى الصحّة أو[9] إزالة المرض ليست إفادة أوّلية [7]، إلّا أنّه يفيد بالذات تلك
الكيفية[10] الملائمة للطبيعة أو المضادّة للمرض.
و هي أمر[11] مؤثّر
مرغوب فيه يوجب أن يكون جوادا بالنسبة إلى تلك الكيفية الحادثة في البدن.
و توضيحه: أنّ الدواء الحارّ إذا ورد على البدن المبرود المزاج أحدث
فيه كيفية الحرارة، و هي ممّا ينبغي لذلك البدن قطعا، و كذلك المفرّح إذا ورد على[12] القلب الضعيف اقتضى بالذات تقوية له، و هي ممّا ينبغي للقلب الضعيف[13]. على أنّ المراد بالذات إن كان بلا واسطة يلزم أن لا يكون المبدأ
الأوّل بالقياس إلى معلول معلوله جوادا، بل لا يكون جوادا إلّا[14] بالقياس إلى شيء واحد فقط! لأنّ غيره إنّما هو منه بواسطة. و إن كان
المراد