المقدّمة الأولى: إنّ الاستدلال على وجود الزمان بوجود القبلية و
البعدية الخاصّتين به، أي: الذاتيتين. فإنّ القبلية و البعدية تلحقان الزمان لذاته
و غيره بسببه. فالشيء يكون قبل شيء آخر لوقوعه في زمان[3] قبل زمان[4] آخر،
و أمّا الزمان فهو قبل زمان[5] آخر
لذاته المتصرّمة المتجدّدة.
فلئن عاد السائل و قال: المتصرّم إمّا أن يكون نفس المتجدّد، و هو
محال أو غيره، و حينئذ يختلف أجزاء الزمان، فلا يكون متّصلا.
فلنعد الجواب: بأنّ التصرّم و التجدّد بعد فرض أجزاء الزمان، و لا
اختلاف لأجزاء الزمان في نفسه.
[223/
1- 87/ 3] قوله[6]: و لا يصحّ تعريف الزمان بهما.
فرق بين التصديق بإنّية الزمان و تصوير ماهيّته، فإنّ القبلية و
البعدية لمّا كانتا من خواصّ[7] الزمان
كان من الظاهر أن يصحّ تعريف الزمان بهما كما أمكن الاستدلال بهما على وجوده، لكن
وقع[8] الاستدلال بهما و لا يصحّ التعريف[9] بهما. فلا يقال: الزمان ما له بالذات القبلية و البعدية لأنّ تصوّر
القبلية و البعدية الذاتيتين موقوف على تصوّر الزمان، فيكون التعريف به[10] دوريّا.
ثمّ إن سئل و قيل: إنّما يلزم الدور لو كان التعريف بالقبلية و
البعدية المختصّتين