أمّا التعريف الأوّل فهو أنّ الحركة كمال أوّل لما هو بالقوّة من حيث هو بالقوّة.
بيان ذلك أنّ حال حصول الجسم في المكان المنتقل عنه معدومة عنه ممكنة له ، فهي كمال الجسم ، ثمّ إنّ حصوله في المكان الثاني معدوم عنه ممكن له فهو كمال أيضا ، والجسم في تلك الحال بالقوّة في المكان الثاني ، لكنّ الحركة أسبق الكمالين ، فالحركة كمال أوّل لما هو بالقوّة ، أعني الجسم الذي هو بالقوّة في المكان الثاني.
وإنّما قيّدناه بقولنا : « من حيث هو بالقوّة » لأنّ الحركة تفارق سائر الكمالات بأنّ جميع الكمالات إذا حصلت ، خرج ذو الكمال من القوّة إلى الفعل ، وهذا الكمال من حيث إنّه كمال يستلزم كون ذي الكمال بالقوّة.
وأمّا الثاني فإنّ المتكلّمين قالوا : ليست الحركة هي الحصول في المكان الأوّل ؛ لأنّ الجسم لم يتحرّك بعد ، ولا واسطة بين الأوّل والثاني وإلاّ لم يكن ما فرضناه ثانيا ثانيا ، فهي الحصول في المكان الثاني لا غير.
ولهذا يقال : إنّ الحركة عبارة عن كون الشيء في الآن الثاني في المكان الثاني ، كما أنّ السكون عبارة عن كون الشيء في الآن الثاني في المكان الأوّل.
ولكنّ الإنصاف أنّ الكون في المكان الثاني معلول الحركة لا نفسها ، بل الحركة
[١] وهو تعريف أرسطو وأتباعه ، كما في « الشفاء » الطبيعيّات ١ : ٨٢ ـ ٨٣ ؛ « النجاة » : ١٠٥ ؛ « الحدود » : ٢٩ ؛ « التحصيل » : ٤٢٠ ؛ « المعتبر في الحكمة » ٢ : ٤٠٩ ـ ٤١١ ؛ « مناهج اليقين » : ٥٧ ؛ « نهاية المرام » ٣ : ٣٢٧ ـ ٣٢٩ ؛ « شرح المقاصد » ٢ : ٤٠٩ ـ ٤١١ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٩٠. [٢] « التوحيد » : ١٣١ ؛ « المطالب العالية » ٤ : ٢٤٥ ـ ٢٤٦ ؛ « المحصّل » : ٢٣٧ ؛ « نقد المحصّل » : ١٤٩ « التعريفات » : ١١٤ / ٥٦٠.