كالحكم باستفادة نور القمر من الشمس. وتفتقر إلى المشاهدة المتكرّرة والقياس الخفيّ.
إلاّ أنّ الفارق بين هذه وبين المجرّبات أنّ السبب في المجرّبات معلوم السببيّة غير معلوم الماهيّة ، وفي الحدسيّات معلوم بالاعتبارين.
الخامس : المتواترات ، وهي قضايا تحكم بها النفس ؛ لتوارد أخبار المخبرين ، والتواطؤ المانع عن احتمال الكذب والخطأ.
السادس : الفطريّات ، وهي قضايا قياساتها معها ، بمعنى أنّه تحكم بها النفس باعتبار وسط لا ينفكّ الذهن عنه.
قال : ( وواجب وممكن ).
أقول : العلم ينقسم إلى واجب وهو علم واجب الوجود بذاته ، وإلى ممكن هو ما عداه.
وإنّما كان الأوّل واجبا ؛ لأنّه نفس ذاته الواجبة.
قال : ( وهو تابع ، بمعنى أصالة موازيه في التطابق ).
أقول : اعلم أنّ الأشاعرة استدلّوا على كون أفعال العباد اضطراريّة على وجه الجبر : بأنّ الله تعالى عالم في الأزل بصدورها عنهم ، فيستحيل انفكاكهم عنها ، وإلاّ يلزم كون علمه تعالى جهلا ، فهي لازمة لهم ، وهم مجبورون عليها كالمنشار للنّجار [١].
وأجاب عنه المعتزلة [٢] والإماميّة [٣] بأنّ العلم تابع للمعلوم ، فلا يكون علّة له.
فأورد الأشاعرة [٤] بأنّه كيف يجوز أن يكون علمه تعالى تابعا لما هو متأخّر عنه ،
[١] هذا أحد الوجوه التي استدلّوا بها في المقام ، انظر : « المطالب العالية » ٩ : ٤٦ ـ ٤٨ ؛ « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ١٢٢ ؛ « إرشاد الطالبين » : ٢٦٤ ـ ٢٦٥ ؛ « شرح المواقف » ٨ : ١٥٥ ؛ « شرح المقاصد » ٤ : ٢٣٢ ـ ٢٣٣ ؛ « شرح تجريد العقائد » : ٢٥٤ و ٣٤١ ـ ٣٦٦. [٢] « شرح تجريد العقائد » : ٢٥٤. [٣] « نقد المحصّل » : ٣٢٨ ؛ « نهج الحقّ وكشف الصدق » : ١٢٣ ؛ « إرشاد الطالبين » : ٢٦٧. [٤] نقله القوشجي في « شرح تجريد العقائد » : ٢٥٤.