المنسوبة إلى العبد واجبة الوقوع، و لا شيء من
الواجب الوقوع بمقدور، فلا شيء ممّا هو منسوب إلى العبد بمقدور. أمّا الصغرى
فلأنّه ا معلومة للّه، لما تقدّم من علمه بكلّ ما صحّ أن يكون معلوما، و كلّ معلوم
له تعالى يمتنع خلافه و إلّا لزم انقلاب علمه تعالى جهلا.
و انقلاب علمه جهلا محال، فكلّ معلوم له واجب
الوقوع، و هو المطلوب. و أمّا الكبرى فلما تقدّم من أنّ متعلّق القدرة هو الإمكان
لا الوجوب و الامتناع، فتصدق النتيجة و هو المطلوب.
و الجواب من وجوه:
الأوّل: بالمنع من صحّة الكبرى
مطلقا، بل الوجوب المنافي للمقدوريّة هو الوجوب الذاتيّ لا الغيريّ و الوجوب هنا
غيريّ نظرا إلى تعلّق العلم به، فلا ينافي إمكانه الذاتيّ الذي هو متعلّق القدرة.
على أنّا نقول: غاية ما في الباب أنّ ذلك موهم للإيجاب نظرا إلى وجوب وقوع
المعلوم. أمّا الجبر الذي هو عبارة عن خلق الفعل في العبد فلا يفيده دليلكم.
ثمّ إنّا نقول: الإيجاب المذكور غير مناف للاختيار
الذي هو تبعيّة الفعل للداعية المنضمّة إلى القدرة.
الثاني: إنّ ما ذكرتموه منقوض
إجمالا بفعل اللّه تعالى فإنّه معلوم له و كلّ معلوم له واجب، و لا شيء من
الواجب و الممتنع بمقدور له تعالى، فلا شيء من الفعل المنسوب إليه تعالى بمقدور،
فيلزم سلب القدرة عنه. و هو باطل بالإجماع و الدليل، فكلّ ما أجابوا به فهو
جوابنا.
الثالث: إنّا نمنع تأثير العلم
في الفعل الوجوب لأنّ العلم تابع للمعلوم، و لا شيء من التابع بمؤثّر، فلا شيء
من العلم بمؤثّر و هو المطلوب. أمّا أنّ العلم تابع فلأنّه حكاية للمعلوم و مثال
له مطابق، فتبعيّته بهذا المعنى ظاهرة. و أمّا أنّه لا شيء من التابع بمؤثّر
فلأنّ التابع متأخّر، فلو كان مؤثّرا لكان متقدّما فيكون متقدّما متأخّرا معا، و
هو محال.
[الفارق بين فعل العبد و فعل اللّه]
قال: هداية- إذا ثبت أنّ للعبد فعلا، فكلّ
فعل يستحقّ العبد به مدحا أو ذمّا، أو يحسن أن يقال له: لم فعلت؟ فهو فعله، و ما
عداه فهو فعله تعالى.