أمر آخر تصدر عنه هذه الحروف و الأصوات. و صفاته
عندنا نفس ذاته، فتكون هذه الحروف و الأصوات صادرة عنه. فإن وصفتم الذات باعتبار
صدور الكلام عنها بأنّ لها صفة هي الكلام، فنحن نقول: إنّ الذات- باعتبار صدور
الحروف و الأصوات- لها صفة هي القدرة، فتكون منازعة في التسمية. ثمّ نقيم الدلالة
على استحالة زيادة صفاته على ذاته، و على بطلان قديم غيره.
[أسماء اللّه تعالى و أقسامها]
قال: لطيفة- قد ثبت أنّه تعالى ذات
واحدة مقدّسة، و أنّه لا مجال للتعدّد و الكثرة في رداء كبريائه، فالاسم الذي يطلق
عليه- من غير اعتبار غيره- ليس إلّا لفظة: «اللّه». و ما عداه[1] إمّا أن يطلق
عليه باعتبار إضافته إلى الغير، كالقادر و العالم و الخالق و البارئ و الكريم. أو
باعتبار سلب الغير عنه، كالواحد و الفرد و الغنيّ و القديم. أو باعتبار الإضافة و
السلب معا، كالحيّ و العزيز و الواسع و الرحيم. فكلّ اسم يليق بجلاله و يناسب
كماله ممّا لم يرد به إذن شرعيّ[2] جاز إطلاقه عليه تعالى، إلّا أنّه ليس
من الأدب لجواز أن لا يناسبه من وجه آخر، كيف و لو لا غاية عنايته و نهاية رأفته
في إلهام الأنبياء و المقرّبين أسماءه لما جسر[3] أحد من الخلق
أن يطلق واحدا من أسمائه عليه سبحانه.
أقول: هذه اللطيفة تشتمل على ذكر أسمائه تعالى
و ضبط أقسامها، و تحقيق ذلك يتمّ بفوائد:
الاولى: الاسم هو اللفظ الدالّ
على المعنى بالاستقلال المجرّد عن الزمان. فقد يكون نفس المسمّى كلفظ الاسم، فإنّه
لمّا كان إشارة إلى اللّفظ الدّال على المسمّى- و من جملة المسمّيات لفظ الاسم-
فقد دلّ عليه. و قد يكون مغايرا له كلفظ الجدار الدالّ على معناه المغاير له.
الثانية: الاسم إذا اطلق على
الشيء فإمّا أن يكون المسمّى به ذات الشيء، أو ما