المنع منها، و مما يشتمل عليها، فلا يكون ممكن
الوقوع عقلا و شرعا. و أن يكون المكلّف قادرا على فعله و عالما بما كلّف به، أو
متمكّنا من العلم. و أن يتوقّف على آلة تكون ممكنة.
و أمّا الشرائط العائدة إلى الربّ المكلّف فهي:
علمه بصفات الفعل، و قدر ما يستحقّ عليه من الجزاء، و قدرته على إيصاله، و انتفاء
فعل القبيح عنه، و إلّا لكان حصول الغرض من التكليف غير متيقّن.
[اللطف و معناه]
قال: أصل- إذا علم البارئ تعالى أنّ العبيد لا
يمتثلون التكليف إلّا بفعل حسن يفعله بهم[1]، وجب صدوره عنه لئلّا
ينتقض غرضه. و مثل ذلك يسمّى لطفا، فيكون اللطف واجبا.
أقول: لمّا فرغ من الفرع الأوّل شرع في الفرع
الثاني، و هو اللطف. و عرّفه المتكلّمون بأنّه عبارة عن فعل يقرّب إلى فعل الطاعة
و ترك المعصية، و ليس له حظّ في التمكين، و لا يبلغ الإلجاء[2]. فالفعل
المقرّب جنس. و قولنا: «ليس له حظّ في التمكين». يخرج القدرة فإنّ الفعل
بدونها ممتنع مع أنّ وجودها مقرّب أيضا. و قولنا: «و لا يبلغ الإلجاء»
لأنّ التقريب متى أدّى إلى الإلجاء كان منافيا للتكليف، فلا يجوز مجامعته له.
إذا تقرّر هذا فاعلم أنّ المعتزلة[3] و الإماميّة
اتفقوا على وجوب اللطف عليه تعالى[4]،
[2]قال السيّد المرتضى في «الذخيرة»: إنّ اللطف
ما دعا إلى فعل الطاعة. و قال الشيخ الطوسيّ في «الاقتصاد»:
اللطف في عرف المتكلّمين عبارة عمّا يدعو إلى
فعل واجب أو يصرف عن قبيح. و عرّفه المحقق الطوسيّ في «تلخيص المحصّل»
بأنّه عند المتكلّمين عبارة عن جميع ما يقرّب العبد إلى الطاعة و يبعّده عن المعصية،
حيث لا يؤدّي إلى الإلجاء.
و عرّفه العلّامة بأنّه ما يكون المكلّف معه
أقرب إلى فعل الطاعة و أبعد من فعل المعصية، و لم يكن له حظّ في التمكين، و لم
يبلغ حدّ الإلجاء. الذخيرة في علم الكلام: 186، الاقتصاد للطوسيّ: 77، تلخيص
المحصّل: 342، كشف المراد: 254، نهج المسترشدين: 55.
[3]اتّفقت المعتزلة بوجوب اللطف عليه
تعالى، و كثيرا ما يعبّرون عنه بفعل الأصلح. قال الشهرستانيّ في «الملل و النحل»:
اتّفقوا على أنّ اللّه لا يفعل إلّا الصلاح و الخير، و يجب من حيث الحكمة رعاية
مصالح العباد. و قال القاضي عبد الجبّار، بعد نقل قول المجبّرة بعدم وجوب اللطف
عليه تعالى: فأمّا عندنا فإنّ الأمر بخلاف ذلك. ثمّ استدلّ على وجوبه عليه تعالى.
الملل و النحل: 50، شرح الأصول الخمسة: 520.
[4]اعلم أنّ الإماميّة اتّفقوا على وجوب
اللطف على اللّه بالمعنى المتقدّم ذكره. و ذكروا له ثلاثة أقسام: أحدها: أن