خلافا للأشاعرة[1]. و الدليل على
حقيّة المذهب الأوّل: أنّه لو لم يجب لزم نقض الغرض، لكن نقض الغرض سفه ممتنع على
الحكيم، فيكون اللطف واجبا و هو المطلوب. و أشار المصنّف إلى بيان الملازمة بأنّ
البارئ تعالى إذا علم أنّ العبيد لا يمتثلون التكليف إلّا عند فعل حسن يفعله بهم،
مع تعلّق إرادته تعالى بوقوع الطاعة منهم و انتقاء المعصية عنهم، فلو لم يفعل ذلك
الفعل لكان ناقضا لغرضه.
و نظير ذلك في الشاهد أنّ إنسانا إذا تعلّق غرضه
بحضور شخص وليمته، و علم أنّه لا يحضر إلّا عند نوع من الإرسال و البشاشة أو
التلطّف، ثمّ إنّه لم يفعل ذلك فإنّه يكون ناقصا لغرضه، و هو ظاهر. و قد علم من
هذا التقرير أنّ الفعل بدون اللطف ممكن، و إنّما كان الغرض بعث داعية المكلّف على
امتثال الأمر.
ثمّ اللطف قد يكون من فعل اللّه تعالى، فيجب
عليه كما قرّرناه. و قد يكون من فعل المكلّف، فيجب عليه تعالى إشعاره به و إيجابه
عليه. و قد يكون من فعل غيرهما، فيجب عليه تعالى الإيجاب على ذلك الغير و التعويض
لأنّ التكليف لمصلحة الغير بدون العوض عليه قبيح.
يكون من فعل اللّه تعالى، فهذا يجب على اللّه
فعله. و ثانيها: أن يكون من فعل المكلّف، فهذا يجب على اللّه أن يعرّفه إيّاه و
يشعره به و يوجبه عليه. و ثالثها: أن يكون من فعل غيرهما، فهذا ما يشترط في
التكليف بالملطوف فيه للعلم بأنّ ذلك الغير لفعل اللطف. الذخيرة في علم الكلام:
190، الاقتصاد للطوسيّ: 79- 87، كشف المراد: 254، نهج المسترشدين: 55.
[1]الأشاعرة قائلون بأنّه لا يجب عليه
تعالى شيء ما بالعقل، لا الصلاح و لا الأصلح و لا اللطف، و أصل التكليف لم يكن
واجبا. المعتمد في أصول الدين: 116، الملل و النحل 1: 93.