قال: تفسير- ما ورد أنّه تعالى خالق الخير و
الشرّ، اريد بالشرّ ما لا يلائم الطباع و إن كان مشتملا على مصلحة.
أقول: لمّا قرّر أنّه تعالى لا يفعل القبيح و
لا يريده استشعر ورود سؤال، تقريره: أنّه ورد في النقل الصحيح أنّه تعالى خالق
الخير و الشرّ، و كذا في الكتاب العزيز قوله: إِنْ تُصِبْهُمْ
حَسَنَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ
يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ قُلْ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ[1]. و الشرّ و
السيّئة قبيحان، فيكون فاعلا للقبيح، و هو خلاف ما قرّرتموه.
أجاب بأنّ كلّا من الخير و الشرّ يقال على
معنيين:
الأوّل: يراد بالخير ما كان ملائما للطباع،
كالمستلذّ من المدركات. و بالشرّ ما لا يلائم، كخلق الحيّات و العقارب و الموذيات،
فإنّها تشتمل على حكم لا نعلمها تفصيلا.
الثاني: يراد بالخير ما يرادف الحسن و المصلحة،
و بالشرّ ما يرادف القبيح و الفساد، و المنسوب إليه بالخلق هو الأوّل منهما. و كذا
يراد بالحسنة ما يرادف الطاعة، و يراد بها ما هو مستطاب كالخصب وسعة الرزق، و
بالسيّئة ما يرادف المعصية، و يراد بها ما هو مكروه، كالجدب و ضيق الرزق. و
المنسوب إليه تعالى في الآية هو المعنى الثاني منهما، بدليل قوله تعالى: فَإِذا
جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا
بِمُوسى[2].
و قوله: وَ بَلَوْناهُمْ بِالْحَسَناتِ وَ
السَّيِّئاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ[3]. و إنّما حملنا ما ورد
في النقل على ما قلناه، جمعا بين الدليل العقليّ و النقليّ الصحيح، مع عدم المانع
من ذلك.
[التكليف و معناه و الغرض منه]
قال: تبصرة- تكليف البارئ تعالى، هو أمر عبيده
بما فيه مصلحتهم، و نهيهم عمّا فيه مفسدتهم. و ذلك لا ينافي الحكمة، و إن كان فيه
مشقّة فلا يكون قبيحا.
الإرادة لا ينفكّ عن الرضا، قالوا: بأنّ اللّه
تعالى لا يرضى بالقبيح فلا يريده. و العقل حاكم بأنّ إرادة القبيح قبيحة، كما أنّ
الرضا به كذلك. كشف المراد: 236، شرح تجريد العقائد للقوشجيّ: 340.