أقول: هذا هو الأصل الثاني من اصول الدين. و
المراد به- أي العدل- هو تنزيه اللّه سبحانه عن فعل القبيح و الإخلال بالواجب. ثمّ
إنّ المتكلّمين أطلقوا اسم باب العدل على ذلك[1]، و على كلّ ما
يتفرّع عليه من مباحث التكليف و اللطف و الأعواض و الثواب و العقاب و غير ذلك، و
على مسألة تقسيم الأفعال إلى أقسامها الخمسة كما يجيء لابتناء الحكم بكونه لا
يفعل قبيحا و لا يخلّ بواجب على معرفة الفعل الحسن و القبيح، إذ التصديق مسبوق
بتصوّر الأطراف.
قال: تقسيم- كلّ فعل إمّا أن ينفر العقل منه
أولا. الأوّل قبيح، و الثاني حسن.
و الحسن إمّا أن ينفر العقل من تركه أولا. و
الأوّل واجب، و لذلك يذمّ العقلاء فاعل القبيح، و تارك الواجب.
أقول: الفعل عرّفه الحكماء بأنّه مبدأ التغيّر
في شيء آخر. و المعتزلة بأنّه ما وجد بعد أن كان مقدورا. و بعض العلماء بأنّه صرف
الشيء من الإمكان إلى الوجوب. و الأكثر على
[1]اعلم أنّ مبحث العدل عند المتكلّمين من
الإماميّة من متفرّعات أفعاله تعالى، حيث إنّهم بعد إثبات عالميّته تعالى و قدرته،
بحثوا عن تنزيهه تعالى عن فعل القبيح و الإخلال بالواجب. و ينشأ من ذلك البحث عن
التحسين و التقبيح العقليّين.
و لأجل ذلك يعنونون بحث العدل في كتب الكلام
بعنوان: البحث في الأفعال.
قال المحقّق الطوسيّ في «تلخيص المحصّل»:
القسم الثالث في الأفعال. و قال أيضا في «التجريد»: الفصل الثالث في أفعاله تعالى.
و قال العلّامة الحلّيّ في «كشف المراد»: لمّا فرغ المصنّف من إثباته تعالى شرع في
بيان عدله و ما يتعلّق بذلك. و قال في «نهج المسترشدين»: الفصل الثامن في العدل، و
فيه مباحث: البحث الأوّل في أقسام الفعل. تلخيص المحصّل: 325، كشف المراد: 234،
نهج المسترشدين: 50، كشّاف اصطلاحات الفنون 2: 1016.