و كان علماء الكرك يبعثون الرسائل من إيران إلى إخوانهم في الكرك و
بعلبك و جبل عامل يحثّونهم على الالتحاق بأصفهان للعمل على نشر المذهب الإمامي، و تثبيت
دعائمه، فالمحقق الكركي أرسل إلى الشيخ حسين بن عبد الصمد- والد البهائي- الذي كان
يدرّس في (نورية) بعلبك و أغراه بالسفر إلى أصفهان، و لعب الكركيون دورا فعّالا في
تنظيم الحياة العلميّة و الثقافية و الاقتصادية و العمرانية في إيران إذ فتحوا
المدارس، و صرفوا على الطلّاب، و نظّموا الخراج و القضاء، و ضبطوا اتّجاه القبلة
في أكثريّة بلاد العجم، و هندسوا المساجد و المآذن و القباب، و حثّوا النّاس على
الالتزام بالدين، و ألّفوا الكتب في الدفاع عن مذهبهم و ردّوا على علماء السنّة و
جادلوهم، و ردّوا على رهبان النصارى[1].
قال المحقق البحراني في لؤلؤة البحرين: «كان (المحقق) من علماء دولة
الشاه طهماسب الصفويّ، جعل أمور المملكة بيده، و كتب رقما إلى جميع الممالك
بامتثال ما يأمر به الشيخ المذكور و إنّ أصل الملك إنّما هو له، لأنّه نائب الإمام
(عليه السّلام)، فكان الشيخ يكتب إلى جميع البلدان كتبا بدستور العمل في الخراج، و
ما ينبغي تدبيره في شؤون الرعيّة.»[2].
قال السيد نعمة اللَّه الجزائري في كتابه شرح غوالي اللآلي: مكَّنه
السلطان العادل الشاه طهماسب، من الملك و السلطان، و قال له: أنت أحقّ بالملك
لأنّك النائب عن الإمام، و إنّما أكون من عمّالك أقوم بأوامرك و نواهيك»[3].
«و كان الشاه يكتب إلى عماله بامتثال أوامر الشيخ، و أنّه الأصل في
تلك الأوامر و النواهي، و أكّد أنّ معزول الشيخ لا يستخدم، و منصوبه لا يعزل»[4].