فخفض على تقدير الباء، كأنه قال «بمصعد»[2]، و قال
الآخر:
بدا لي أنّي
لست مدرك ما مضى
و لا سابق
شيئا إذا كان جائيا [115]
و قال الآخر، و هو الفرزدق:
مشائيم ليسوا
مصلحين عشيرة
و لا ناعب
إلّا ببين غرابها [117]
فخفض «ناعب» بإضمار حرف الخفض، و قال الفرزدق
أيضا:
[256]
و ما زرت سلمى
أن تكون حبيبة
إليّ، و لا
دين بها أنا طالبه
- «أفضلت» زدت في المنزلة، و الديان: الذي يملك
الأمر و يتصرف فيه على مشيئته، و تخزوني: تذلني و تقهرني، و محل الاستشهاد ههنا
بهذا البيت قوله «لاه ابن عمك» و اعلم أولا أن العرب تقول: للّه أنت، و للّه درك،
و للّه ابن عمك بثلاث لامات أولها لام الجرّ و ثانيها لام التعريف و ثالثها فاء
الكلمة على أن لفظ الجلالة مأخوذ من ل ي ه أو عين الكلمة على أن اللفظ الكريم
مأخوذ من أ ل ه، هذا هو الأصل في الاستعمال العربي، و ربما قالوا «لاه أبوك» و
«لاه ابن عمك» بلام واحدة فيحذفون لامين، و قد اختلف النحاة في اللام الباقية،
فذهب سيبويه إلى أن الباقية هي اللام التي من أصل الكلمة و المحذوف لام الجر و لام
التعريف، و هذا هو الذي أراده المؤلف، و ذهب أبو العباس المبرد إلى أن الباقي هو
لام الجر، و قد حذف لام التعريف و اللام التي من أصل الكلمة، و قد فصلنا مقالة
الشيخين و استدللنا للمذهبين و بيّنا أرجحهما في شرحنا على شرح الأشموني (3/ 286)
فانظره، و انظر المراجع التي أشرنا إليها في تخريج هذا الشاهد هنا.
[256] هذا البيت من قصيدة للفرزدق يمدح فيها
المطلب بن عبد اللّه المخزومي، و هو من شواهد الأشموني (رقم 401) أنشده في باب
تعدي الفعل و في باب حروف الجرّ، و أنشده شيخ النحاة سيبويه (1/ 418) و ابن هشام
في مغني اللبيب (رقم 787) و قوله «أن تكون حبيبة» المصدر المنسبك من أن المصدرية و
ما بعدها مفعول لأجله، فأصله مجرور باللام الدالة على التعليل، و أصل الكلام: لأن
تكون حبيبة، ثم حذفت اللام لأن حرف الجر يكثر حذفه قبل أن المصدرية و أن المؤكدة،
و قد اختلف العلماء في المصدر المنسبك بعد حذف حرف الجر: أهو مجرور بذلك الحرف
المحذوف، أم أنه انتصب على التوسع بعد حذف حرف الجر؟ فأما الذين ذهبوا إلى أن
المصدر مجرور بذلك الحرف المحذوف-