نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين نویسنده : ابن الأنباري جلد : 1 صفحه : 127
و نقض النفي مع تعرّي الكلام منه محال، فدلّ
على أن «مازال» في الإثبات بمنزلة «كان» فكما لا يقال «كانزيد إلا قائما» فكذلك لا يقال «مازال زيد إلا قائما» فأما قول الشاعر:
[94]
حراجيج ما
تنفكّ إلّا مناخة
على الخسف أو
نرمي بها بلدا قفرا
[94] هذا البيت من كلام ذي
الرمة غيلان بن عقبة، و قد استشهد به سيبويه (1/ 428) و الزمخشري و ابن يعيش
(1010) و الرضي (2/ 275) و الأشموني (رقم 2100) و انظر خزانة الأدب (4/ 49 بولاق)
و الحراجيج: جمع حرجوج، أو حرجيج و هي هنا الناقة الضامرة الهزيلة، و مناخة: اسم
المفعول المؤنث من قولك «أناخالرجل بعيره أو ناقته» إذا أبركها، و الخسف- بالفتح- الجوع، و ذلك أن
يبيت على غير علف، و كان الأصمعي و أبو عمرو بن العلاء يخطئان ذا الرمة في هذا
البيت؛ لأنه أدخل حرف الاستثناء- و هو إلا- على خبر تنفك، و قد خلص العلماء ذا
الرمة من هذا الخطأ، و لهم في ذلك التخلص خمسة أوجه؛ الأول أن الرواية ليست كما
زعم أبو عمرو و الأصمعي، و ليس التالي لقوله «ماتنفك» هو إلا التي هي حرف استثناء، بل هو «آلا» بمد الألف، و
الآل: الشخص، و ذلك نظير قول ذي الرمة نفسه في كلمة أخرى:
فلم نهبط على
سفوان حتى
طرحن سخالهن و
صرن آلا
و يروى أن ذا الرمة لما نبه إلى الخطأ فطن له و
قال: أنا لم أقل «إلامناخة» و إنما قلت «ماتنفك آلا مناخة» و على هذا الوجه يكون قوله «آلا» خبر تنفك، و
مناخة صفة، و حينئذ يسأل عن وجه تأنيث الصفة مع أن الموصوف مذكر، و الجواب عن ذلك
أن الآل- و هو الشخص- يطلق على المذكر و المؤنث كالشخص الذي هو بمعناه، و لما كان
المراد هنا النوق أنث الصفة، و هذا التخريج قد ذكره كثير من العلماء، و قد سمعت
أنه يروى عن ذي الرمة نفسه، و التخريج الثاني: أن «تنفك» ههنا تامة، و
ليست ناقصة، و التي يمنع دخول إلا عليها هي الناقصة، و هذا تخريج ذكره الفراء في
معاني القرآن، و نسبه المؤلف إلى الكسائي، و ذكره الأعلم في شرح شواهد سيبويه، و
التخريج الثالث: أن تجعل تنفك ناقصة لكن لا يكون «مناخة» خبرها، بل
خبرها هو متعلق الجار و المجرور الذي هو قوله «علىالخسف» و على هذا الوجه يكون قوله «مناخة» حالا، و كأنه
قد قال: ما تنفك كائنة على الخسف إلا في حال كونها مناخة، و قد ذكر هذا التخريج
الأعلم أيضا، و التخريج الرابع: أن تكون تنفك ناقصة أيضا، و لكن يكون خبرها
محذوفا، و «مناخة» حال، و «علىالخسف» يتعلق بمناخة، و تقدير الكلام على هذا الوجه: ما تنفك مقيمة
في أوطانها إلا في إحدى حالتين:
الأولى: أن تكون مناخة على الخسف و الثانية: أن
نرمي بها بلدا قفرا، و هذا التوجيه قد ذكره الزمخشري، و التخريج الخامس: أن تجعل «تنفك» ناقصة، و «مناخة» خبرها، و لكن «إلا» ليست للاستثناء، بل هي حرف زائد لا يدل على معنى، و الممتنع إنما هو
دخول إلا الدالة على الاستثناء على خبر «تنفك» و هذا التخريج-
كما قال ابن يعيش- للمازني، و تبعه أبو علي الفارسي في بعض كتبه، و نسبه ابن هشام
في مغني اللبيب إلى الأصمعي و ابن جني، و في هذا القدر غناء أي غناء.
نام کتاب : الإنصاف في مسائل الخلاف بين النحو البصريين و الكوفيين نویسنده : ابن الأنباري جلد : 1 صفحه : 127