فإن احتجوا بما رواه ابن أبي مليكة [1] عن النبي صلى الله عليه و آله
و سلم أنه قال: «إذا قاء أحدكم في الصلاة أو رعف فلينصرف و ليتوضأ و ليبني على
صلاته ما لم يتكلم»[1].
و الجواب عن ذلك: أن هذا خبر ضعيف مطعون فيه، و قد قيل فيه ما هو مشهور، و نحن
نقول بموجبه، لأن القيء و الرعاف عندنا ليس بحدثين ينقضان الوضوء، فجاز معهما
الانصراف لغسل النجاسة، و البناء على الصلاة، و ليس كذلك باقي الأحداث الناقضة
للوضوء.
المسألة الرابعة و التسعون
[من تكلم في صلاته متعمدا بطلت صلاته]
«من تكلم
في صلاته ناسيا أو متعمدا بطلت صلاته [2]».
الذي يذهب
إليه أصحابنا أن من تكلم متعمدا بطلت صلاته، و من تكلم ناسيا فلا إعادة عليه و
إنما يلزمه سجدتا السهو.
و قال
الشافعي، من تكلم في صلاته ناسيا أو جاهلا بتحريم الكلام لم تبطل صلاته[2].
و قال مالك:
كلام الناسي لا يبطل الصلاة، و كذلك كلام العامد إذا كان فيه
[1]
أبو بكر عبد الله بن عبيد الله بن أبي مليكة، القرشي التيمي المكي، قاضي مكة زمن
ابن الزبير، و مؤذن الحرم، روى عن جده، و عائشة، و أم سلمة، و عبد الله بن عمرو بن
العاص، و ابن عباس، و ابن عمرو طائفة.
و عنه عمرو
بن دينار، و أيوب، و نافع، و الليث بن سعد و خلق. مات سنة 117 ه. انظر: تذكرة
الحفاظ 1:
101- 94،
تهذيب التهذيب 5: 268- 523.
[2] ذكره
في البحر عن العترة ج 1 ص 290 في المتعمد و لم يذكر خلافا للناصر في الناسي (ح).
[2]
السنن الكبرى للبيهقي 1: 142، سنن الدار قطني 1: 153- 11، نصب الراية 1: 38- 39،
سنن ابن ماجة 1:
385- 1221.
[3]
المجموع شرح المهذب 4: 85، مختصر المزني (ضمن كتاب الأم) 8: 110، حلية العلماء 2:
152، المغني لابن قدامة 1: 701، الاستذكار لابن عبد البر 2: 225.