فان قالوا: ليس يخلوا المصلي من أن يدخل في الصلاة بابتداء التكبير
أو عند الفراغ منه، و لا يجوز أن يدخل في الصلاة بابتدائه، لأن الإجماع متى لم يأت
بالتكبير على التمام لا يدخل في الصلاة، فثبت أنه انما يدخل بالفراغ منه، و إذا كان
ابتداء التكبير وقع خارج الصلاة فكيف يصير بعد ذلك منها؟
قلنا: ليس
يمتنع أن يكون الدخول في الصلاة انما يكون بالفراغ من التكبير، ثم تبين بذلك أن
جميع التكبير كان من الصلاة، كما أن عندهم أن التسليم ليس من الصلاة، و لو ابتدأ
بالسلام فإنه لا يخرج بذلك من الصلاة، فإذا فرغ منه تبين عندهم أن جميعه وقع خارج
الصلاة.
و كذلك إذا
قال: بعتك هذا الثوب، لم يكن ذلك بيعا، فإذا قال المشتري: قبلت، صار الإيجاب و
القبول بمجموعهما بيعا.
فأما
الدلالة على وجوب السلام: فهو ما روي عنه عليه السلام من قوله: «مفتاح الصلاة
الطهور، و تحريمها التكبير، و تحليلها التسليم»[1] فلما قال:
«و تحليلها التسليم» دل على أن غير التسليم لا يكون تحليلا لها.
و أيضا ما
رواه سهل بن سعد الساعدي: أن النبي صلى الله عليه و آله و سلم كان يسلم في الصلاة
عن يمينه و عن شماله[2]، و قد قال صلى الله عليه و آله و سلم «صلوا
كما رأيتموني أصلي»[3]، فوجب اتباعه في ذلك.
و أيضا فكل
من قال أن التكبير من الصلاة، ذهب الى أن السلام واجب و انه
[1]
سنن أبي داود 1: 16- 61، سنن الدار قطني 1: 360- 4، سنن الترمذي 1: 8- 3، السنن
الكبرى للبيهقي 2: 380، كنز العمال 7: 428- 19632، جامع الأصول 5: 428- 3583 و
429- 3584.
[2] مجمع
الزوائد 2: 145، التحقيق في اختلاف الحديث 1: 366- 614.
[3] سنن
الدارقطني 1: 273- 2 و 346- 10، سنن الدارمي 1: 286، و تلخيص الحبير 2: 122، مسند
الشافعي (ضمن كتاب الام) 8: 464، السنن الكبرى للبيهقي 2: 345.