و قد تعلق قوم في إجزاء الصلاة في الدار المغصوبة: بأن الصلاة تنقسم
الى فعل و ذكر، و الفعل فيها و ان يتناول الذكر فالذكر لا يتناولها، و لا يمتنع أن
تجزئ و إن وقعت في الدار المغصوبة، من حيث وقع ذكرها طاعة و إن كان فعلها معصية، و
لا يمتنع أن يتوجه بنيته الى الذكر دون الفعل.
و الجواب عن
هذه الشبهة: أن الذكر لا يخلو من وجهين: إما أن يكون تابعا للفعل الذي هو الصلاة،
فيكون هو المعتمد و الذكر كالشرط له، أو يكون مجموعهما صلاة، و لا يمكن غير ذلك.
فإذا صح ما
قررناه، فنيته يجب أن تنصرف إلى جملة الصلاة التي هي فعل و ذكر، و قد بينا أن
كونها معصية تمنع من ذلك.
و ذكر بعض
محصلي من تكلم في أصول الفقه: أن الصلاة في الدار المغصوبة من حيث استوفى شروطها
الشرعية فيجب أن تكون واقعة على وجه الصحة، و ان كانت معصية لحق صاحب الدار، و زعم
أن الفعل يختص بوجهين حل على [1] الفعلين المنفصلين، و ادعى أن نية المصلي و
اعتقاده يتوجهان نحو الوجه الذي.
يتكامل معه
الشروط الشرعية، دون الوجه الذي يرجع الى حق صاحب الدار.
و هذا غير
صحيح، لأنه بنى كلامه على أن الصلاة في الدار المغصوبة قد استوفيت شروطها الشرعية،
و قد بينا أن الأمر بخلاف ذلك، لأن من شروطها الشرعية كونها طاعة و قربة، و من
شروطها الشرعية نية أداء الواجب بها إذا كانت الصلاة واجبة، و هذا لا يتم في الدار
المغصوبة، فبطل كونها مستوفية للشروط الشرعية، و بعد فإن نية المصلي تنصرف إلى
جملة الصلاة و جميعها، و لا يجوز أن يكون شطر منها معصية و قبيحا.