نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 90
يستوجب علة واحدة لوجوده أية علة كانت، لا علة معينة بعينها.
و معلول الشيء لا يجب أن يكون معلوله بعينه، بخلاف علته، فإن علته
يجب أن يكون علته بعينه.
فليس العلم التام بالمعلول يقتضي علما تاما بعلته، و العلم بالعلة
يفيد العلم بماهية المعلول و إنيته. و العلم بالمعلول لا يفيد إلا العلم بإنية
العلة.
و لذلك أفضل البراهين و أوثقها و أحقها بإعطاء اليقين هو النمط
اللمي.
إذا تمهد ذلك فنقول: لما ثبت كون الواجب تعالى عالما بذاته لزم كونه
عالما بجميع الموجودات، فإن ذاته علة موجبة لجميع ما عداه، و مبدأ لفيضان كل
إدراك، حسيا كان أو عقليا. و منشأ لكل ظهور، ذهنيا كان أو عينيا، إما بدون واسطة
أو بواسطة هي منه.
و العلم التام بالعلة الموجبة يستلزم العلم التام بمعلولها.
فلزم كونه تعالى عالما بجميع المعلومات،"أَ لا يَعْلَمُ مَنْ خَلَقَ وَ هُوَ اللَّطِيفُ الْخَبِيرُ".
و أما كيفية علمه بالأشياء بحيث لا يلزم منه الإيجاب و لا كونه فاعلا
و قابلا و كثرة في ذاته بوجه، تعالى عنه علوا كبيرا، فاعلم أنها من أغمض المسائل
الحكمية، قل من يهتدي إليها سبيلا و لم يزل قدمه فيها حتى الشيخ الرئيس أبي علي بن
سينا مع براعته و ذكائه الذي لم يعدل به ذكاء، و الشيخ الإلهي صاحب الإشراق مع
صفائه في الذهن و كثرة ارتياضه بالحكمة و مرتبة كشفه، و غيرهما من الفائقين في
العلم.
و إذا كان هذا حال أمثالهم، فكيف من دونهم من أسراء عالم الحواس مع
غش الطبيعة و مخالطتها؟
و لعمري إن إصابة مثل هذا الأمر الجليل على الوجه الحق الذي هو يوافق
الأصول الحكمية و يطابق القواعد الدينية متبرئا عن المناقضات و منزها عن
المؤاخذات، في أعلى طبقات القوى الفكرية البشرية، و هو بالحقيقة تمام الحكمة الحقة
الإلهية.
و لصعوبة هذا المطلب و غموضه أنكر بعض الأقدمين من الفلاسفة علمه
بشيء فضلوا ضلالا بعيدا و خسروا خسرانا مبينا.
فما أشنع و أبعد من أن يدعي مخلوق لنفسه الإحاطة العلمية بجلائل
الملك و دقائقه
المبدأ و المعاد ؛ ص91
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 90