نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 492
فصل في الصفات التي ينبغي أن يكون عليها الرئيس الأول بحسب كماله
الأول،
و يكون ذلك الإنسان إنسانا قد استكملت نفسه، و صارت عقلا بالفعل، و
قد استكملت قوته المتخيلة بالطبع غاية الكمال، و كذا قوته الحساسة و المحركة في
غاية الكمال كلها بنوع فعل لا بانفعال محض على الوجه الذي أومأنا إليه.
فبقوته الحساسة و المحركة يباشر السلطنة، و يجري الأحكام الإلهية، و
يحارب أعداء الله، و يذب عن المدينة الفاضلة، و تقاتل المشركين و الفاسقين من أهل
المدينة الجاهلية و الظالمة و الفاسقة، ليفيئوا إلى أمر الله.
و بقوته المتخيلة معدا بالطبع ليقبل إما في اليقظة، أو في وقت النوم
عن العقل الفعال، أما الجزئيات بأنفسها، و أما الكليات بحاكيها. و بقوته العاقلة
يكون بحيث قد استكمل عقله المنفعل بالمعقولات حتى لا يكون بقي عليه منها شيء و
صار عقلا بالفعل.
فأي إنسان استكمل عقله المنفعل بالمعقولات كلها و صار عقلا بالفعل و
معقولا بالفعل و صار المعقول منه هو الذي يعقل حصل له عقل بالفعل، فيصير عقلا
مستفادا متوسطا بين العقل المنفعل و العقل الفعال، و لا يكون بينه و بين العقل
الفعال شيء آخر.
فيكون العقل المنفعل كالمادة و الموضوع للعقل المستفاد، و المستفاد
كالمادة و الموضوع للعقل الفعال، و القوة الناطقة التي هي هيئة طبيعية يكون مادة
موضوعة للعقل المنفعل الذي هو بالفعل عقل.
و قد علمت منا سابقا جلية الحال في اتحاد النفس بالعقل الفعال بعد
كونها صورة طبيعية للبدن المستحيل القابل للفساد و الزوال، و قد علمت أيضا كون
العقل الفعال مع وحدته الشخصية المستحيل صدقها على الكثرة فكيف كان فاعلا للنفوس
متقدما عليها و غاية متأخرة عنها و ثمرة مترتبة عليها.
فعليك تذكر ذلك، فإنه مقصد عال و مطلب غال، فإذا جعلت الهيئة
الطبيعية مادة للعقل المنفعل الذي صار عقلا بالفعل، و المنفعل مادة للمستفاد، و
المستفاد مادة للعقل الفعال، و أخذت جملة ذلك كشيء واحد، كان هذا الإنسان هو
الإنسان الذي حل فيه العقل الفعال.
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 492