نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 320
البدن.
و ثالثها، أن أحوال النفس أضداد أحوال البدن، و ذلك لأن النفس إنما
يفرح و يبتهج بالمعارف الإلهية كما يدل عليه الوجدان، و قوله تعالى:"أَلا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ
الْقُلُوبُ".
و قول النبي ص:" أبيت عند ربي، يطعمني و يسقيني" و لا شك
أن ذلك الطعام و الشراب ليس إلا عبارة عن المعرفة و المحبة و الاستنارة بأنوار
عالم الغيب و أيضا، الإنسان بسبب الاستبشار بأمر عظيم كالفوز بخدمة السلطان و بالوصول
إلى خدمة معشوق، ينسى الطعام و الشراب، بل لو كلف، لوجد من قلبه نفرة شديدة منه، و
العارفون المتوغلون في معرفة الله قد يجدون من أنفسهم أنه إذا لمحت لهم شيء من
تلك الأنوار، لم يحسوا البتة الجوع و العطش.
و بالجملة، فالسعادات النفسانية كالمضاد للسعادات الجسمانية، و كل
ذلك يغلب على الظن بأن النفس مستقلة بذاتها لا تعلق لها بالبدن، و متى كان كذلك
وجب أن لا يموت بموت البدن.
ذكر تنبيهي
و مما يدل على بقاء النفس بعد فساد البدن اتفاق أصحاب الشرائع و
الملل على ذلك، إذ ما من ملة إلا و فيها وعد و وعيد أخرويان في الأفعال و الأعمال
الحسنة و القبيحة.
و يدل عليه أيضا فعل الأنبياء" ص" و خلفائهم، و من يرى مثل
رأيهم من الفلاسفة و البراهمة، لأنهم يتهاونون بأمر الأجساد إذا انبعث النفوس، و
إنما يرون أن هذه الأبدان المظلمة الكثيفة حبس النفوس أو الحجاب لها، و يرون أن
هذه الأجساد بمنزلة البيضة للفرخ و المشيمة للجنين، و الدنيا بمنزلة الرحم و
الطبيعة حاضنها، و النفوس هي بمنزلة النطف الدافقة من صلب القضاء الإلهي في أرحام
الطبائع، و الموت الطبيعي هو الولادة المعنوية للنفوس في النشأة الآخرة، و ملك
الموت هي قابلة الأرواح و داية النفوس، و القبر هو المهد الذي يتربى فيه الأطفال
ما دامت ناقصة الحياة غير قادرة على تمام الحس و الحركة الأخروية، فيستعد فيه
للحياة التامة، و النهوض للأفعال الاختيارية،
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 320