responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 212

الإدراك، فأولها حاسة اللمس، و إنما خلقت لك حتى إذا مستك نار محرقة أو سيف جارح تحس به فتهرب منه و هذا أول حس يخلق في الحيوان، كما مر. و أنقص درجات الحس و الشعور أن يشعر بما يلاصقه و يماسه، فإن الشعور بما يبعد منه شعور أتم لا محالة.

و هذا الشعور موجود لكل حيوان، أو لم تر إلى الدود التي مرتبتها أنزل مراتب الحيوان إذا غرز فيها الإبرة انقبضت للهرب، بخلاف النبات، حيث لا ينقبض عند القطع، إذ لا يحس به.

ألا إنك لو لم يخلق لك إلا هذا الحس لكنت ناقصا كالدود التي في الطين لا تقدر على طلب الغذاء من حيث يبعد عنك، فافتقرت إلى حس تدرك به ما بعد عنك، فخلق لك الشم، ألا إنك تدرك به الرائحة و لا تدري أنها جاءت من أي ناحية، فتحتاج إلى أن تطوف كثيرا من الجوانب، فربما تعثر على الغذاء الذي شممت ريحه و ربما لم تعثر، فتكون في غاية النقصان لو لم يخلق لك البصر لتدرك به ما بعد عنك و تدرك جهته فتقصد تلك الجهة بعينها، ألا إنه لو لم يخلق لك إلا هذا لكنت ناقصا إذ لا تدرك بهذا ما انحجب وراء الجدار فتبصر غذاء ليس بينك و بينه حجاب و يتصور عدوا لا حجاب بينك و بينه، و قد لا ينكشف الحجاب إلا حين قرب العدو، فتعجز عن الهرب، فخلق لك السمع حتى تدرك به الأصوات من وراء الجدران عند جريان الحركات.

و لأنك لا تبصر و لا تدرك بالبصر إلا شيئا حاضرا، و أما الغائب فلا يمكنك معرفته إلا بكلام تدرك بحس السمع فاشتدت إليه حاجتك فخلق لك ذلك. و ميزت بفهم الكلام عن سائر الحيوانات.

و كل ذلك ما كان يغنيك لو لم يكن لك حس الذوق إذ يصل إليك الغذاء فلا تدرك أنه موافق أو مخالف فتأكله فتهلك، كالشجر يصيب في أصلها كل مائع و لا ذوق لها فتجذبه و ربما يكون ذلك سبب جفافها.

ثم جميع ذلك لا يكفي في الاستكمال و لا يتم به الحياة الإنسانية لو لم يكن في مقدم دماغك إدراك آخر يسمى بالحس المشترك يتأدى إليه المحسوسات الخمسة و يجتمع فيه و لولاه لطال الأمر عليك في معرفة الأشياء المحسوسة و حفظها عندك.

و هذا كله يشترك فيها الحيوانات، فلو لم يكن للإنسان إلا هذا لكان ناقصا لعدم إدراكه‌

نام کتاب : المبدأ و المعاد نویسنده : الملا صدرا    جلد : 1  صفحه : 212
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست