نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 446
جالينوس في أمر المعاد لتردده في إن النفس أ هو المزاج الحاصل من
التركيب و الامتزاج فيفنى بالموت و لا يعاد؟ أم هو جوهر باق بعد الموت يكون له
المعاد؟.
و اتفق المحققون من الفلاسفة و المليتين على ثبوت المعاد و حقيقته
لكنهم اختلفوا في كيفيته، فذهب جمهور المسلمين إلى إنه جسماني فقط لأن الروح عندهم
جسم سار في البدن سريان الزيت في الزيتون، و ماء الورد في الورد، و النار في
الفحم.
و ذهب جمهور الفلاسفة إلى إنه روحاني فقط، لأن البدن ينعدم بصوره و
أعراضه فلا يعاد. و النفس جوهر مجرد باق لا سبيل إليه للفساد فيعود. و ما يزين به
كثير من علماء الإسلام كأصحابنا الإمامية رضوان اللّه عليهم و الشيخ الغزالي و
الكعبي و الحليمي و الراغب الأصفهاني هو القول بالمعادين الروحاني و الجسماني
جميعا ذهابا إلى أن النفس جوهر مجرد يعود إلى البدن. و هذا رأي كثير من الصوفية و
الكرامية و به يقول جمهور النصارى و الناسخية.
قال الإمام الرّازي: إلا إن الفرق أن المسلمين [يقولون] بحدوث
الأرواح و ردّها إلى البدن لا في هذا العالم بل في الآخرة، و الناسخية بقدمها
وردها إليه في هذا العالم و ينكرون الآخرة و الجنّة و النار. فإن قيل: الآيات
المشعرة بالمعاد الجسماني ليست أكثر و أظهر من الآيات المشعرة بالتجسيم و التشبيه
و الجبر و القدر و نحو ذلك، و قد وجب تأويلها قطعا، فلنصرف هذه أيضا إلى بيان
المعاد الروحاني و أحوال سعادة النفس و شقاوتها بعد مفارقة الأبدان و الأجسام على
وجه يفهمه العوام. فإن الأنبياء مبعوثون إلى كافة الخلق لإرشادهم بقدر استعدادهم
إلى سبيل الحق و تكميل نفوسهم بحسب القوة النظرية و العملية و تبقية النظام المفضي
إلى صلاح الكل، و ذلك بالترغيب و الترهيب بالوعد و الوعيد و البشارة بما يعتقدونه
لذة و كمالا و الإنذار عما يعدّونه ألما و نقصانا.
و أكثرهم عوام يقصر عقولهم لا لفهم بعالم الأشباح و المحسوسات عن ذات
المبدأ الأول و ذوات العقول الفعالة التي هي المبادي القصوى، و الشريعة تحاكيها
بمثالاتها المأخوذة من المبادي الجسمانية و تحاكيها بنظائرها من المبادي المدنية،
و تحاكي الأفعال الإلهية بأفعال المبادي المدنية من الملوك و السلاطين القهارين، و
يحاكي أفعال القوى و المبادي الطبيعية بنظائرها من الملكات و الصناعات و القوى
الإرادية. و كذلك يخاطبهم من المعقولات بنظائرها من المحسوسات فيعبر عن الهيولى
بالهاوية أو الظلمة، و عن العدم بالظلمة، و عن أصناف السعادات التي هي غايات أفعال
الفضائل
نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 446