نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 445
واحدا في البدو و الإعادة، بل يجوز أن يكون التعلق الأخروي إلى البدن
على وجه لا يكون مانعا من حصول الأفعال الغريبة و الآثار العجيبة. و مشاهدة أمور
غيبية لم يكن من شأن النفس مشاهدتها إياها في النشأة الدنياوية. و كذا اقتدارها
على إيجاد صور عجيبة غريبة حسنة أو قبيحة، مناسبة لأوصافها و أخلاقها. و لا يضرنا
أيضا كون البدن المعاد غير البدن الأول بحسب الشخص لاستحالة كون المعدوم بعينه
معادا. و ما شهد من النصوص من كون أهل الجنة جردا مردا و كون ضرس الكافر مثل جبل
أحد. و كذا ما روي من قوله عليه و آله الصلاة و السلام: «يحشربعض الناس يوم القيامة على صورة يحسن عندها
القردة و الخنازير» يعضد ذلك و كذا قوله تعالى:كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها[1]. فإن قيل: فعلى هذا يكون
المثاب و المعاقب باللذات و الآلام الجسمانية غير من صدرت منه الطاعات و الخيرات و
ارتكب المعاصي و الشرور؟ قلنا: العبرة في ذلك بالجوهر المدرك و هو النفس، و لو
بواسطة الآلات و هي باقية بعينها. و كذا المادة و السنخ كالأجزاء الأصلية في البدن
أو غيرها و لهذا يقال للشخص مع انتقاله من الصبوية إلى الشيخوخية و التجددات و
الاستحالات الواقعة فيما بين إنه هو بعينه و إن تبدلت الصور و الهيئات و كثير من
الأعضاء و الآلات. و لائق لمن جنى في الشباب، فعوقب في المشيب إنها إعقاب لغير
الجاني.
هذا و اعلم إنه قد زعمت الفلاسفة الطبيعيون و أوساخ الدهرية الذين لا
اعتداد بأقوالهم و آرائهم في الملّة و لا في الفلسفة إنكار المعاد مطلقا للإنسان.
زعما منهم إنّه متكون من مزاج و امتزاج لهذا الهيكل المحسوس بما له من القوى و
الأعراض، و ذلك يفنى بالموت و لا يبقى منه إلا المواد العنصرية و لا إعادة
للمعدوم، فمهما فسد لا يرجى له عائد. فحكوا بأنه إذا مات فات، و نيل سعادته أو شقاوته
قد فات. كما حكى اللّه عنهم في كتابه المجيد:إِنْ هِيَ إِلَّا حَياتُنَا الدُّنْيا نَمُوتُ وَ نَحْيا[2]مثل العشب و المرعى فيصير غثاء أحوى.
فلهذا السبب أنكروا النبوة المنذرة بالبعث و فوائدها و أصرّوا صريحا على منع نشر
موائدها، و في هذا تكذيب للعقل على ما يراه المحققون من أهل الفلسفة، و للشرع على
ما قرره المحققون من أهل الملة. و توقف