نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 394
الأشرف، بل يلزم من فيض وجوده الأشرق فالأشرق، كما أشار إليه المعلم
الأول و برهانه مذكور في كتب صاحب «الإشراق»، أ لم تريا عارف كيف أبدع أولا العقول الفعالة و
الجواهر المتعالية عن المواد المتمخضة عن القوة و الاستعداد ثم النفوس الكلية ثم
الأفلاك الصادرة بتوسطهما عن مبدع الكل على وجه لا يعتريها نقص و لا قصور في
ذواتها و لا إعياء و لا فتور في حركاتها، عاشقة لأضواء القدس، مطيعة للّه تعالى، و
لها أيضا من كل صفة للهيولانية فيها مدخل أشرفها و أفضلها، فلها من الأشكال أفضلها
و هي الكروية، و من الحركات أفضلها و هي الدورية الموجبة للحياة و النطق كما علمت،
و من الكيفيات المرئية أفضلها و هي الضياء و النورية، و تشارك السابقين الأولين من
الملائكة المقربين في إنها أعطيت أفضل ما تجوهرت و تزينت به في أول أمرها و بدء
فطرتها، و كذلك أعظامها و أشكالها و الكيفيات المرئية التي تخصها و الكمالات
الممكنة في حقها إلا في النسبة مع حفظ نوعها أيضا، فإنها لم يكن لها في أول الفطرة
أن تعطي الشيء الذي يتحرك إليه و هي أيسر غرض في الأجسام و أخسّه لأن النسبة أبعد
الأعراض عن جوهر الشيء و أخسها. فالأجرام السماوية تلحقها النقص في أخس الأشياء
التي من شأنها أن يوجد لها شيئا فشيئا و لا يمكن غير ذلك، لأن تجردها عن الوضع
ممتنع و إلا لكانت عقلا لا جسما و كذا الجمع بين الأوضاع لتضادها، فلا محالة يحصل
جزء فجزء إلى ما شاء اللّه تعالى.
ثم الموجودات الواقعة في عالم التركيب في غاية الجودة و نهاية النظام
لأن نظامها متعلق بحركات الأفلاك و أوضاعها، و نظام الأفلاك ظلّ نظام ما في القضاء
الإلهي لما علمت أن الموجودات غير صادرة على سبيل البحث و الاتفاق كما نسب إلى
ديمقراطيس، و لا على طريقة الجزاف كما توهمه الأشعرية، و لا عن إرادة ناقصة
كإرادتنا المحوجة إلى دواع خارجة عن ذواتها كما زعمته المعتزلة، و لا بحسب الطبيعة
التي لا شعور لها بذاتها فضلا عن شعورها بما يصدر عنها كما ذهبت إليه أوساخ
الدهرية و الملاحدة.
و الحاصل: إن نظام المعقول الذي يسمى عند الحكماء بالعناية مصدر
للنظام الموجود، و ذلك النظام محض الخير و الكمال لبراءة المبدأ الأعلى عن النقص و
الشين، فهذا النظام الذي على وفقه يجب أن يكون أتم النظامات الممكنة و أكملها.
أقول: و من البراهين التي سنحت لنا في هذا الباب إنه قد تبين و تحقق
في كتب
نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 394