نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 386
نفس معلوميتها له، كذلك العالم في الصورة الثانية يعلم العين الخارجي
بإيجاده و علمه بالصورة الخارجية نفس إيجاده لها. فالعلم بالصورة هناك حصولا و
بالعلم هناك حضورا، كلاهما علم فعلي و المعلوم معلوم بالذات و العلم بالعين في
الصورة الأولى فعلي أيضا و لكن المعلوم معلوم بالعرض. ففي الشق الأول الفاعل يصدر
عنه فعله عن ذاته مع علم مكتسب زائد على ذاته، و في هذا الشق يصدر فعله عن نفس
ذاته العالمة بما هو ذات عالمة، فالمبدأ الأعلى أوجد المعلول الأول و في حال
إيجاده علمه لا أنه تعالى علمه فأوجده حتى تكرر التعقلات الموجب للتسلسل في
الارتسامات أو في الوجودات، و لا أنه تعالى أوجده فعلمه ليلزم أن يكون علمه
انفعاليا مستفادا من المعلوم، بل أوجده عاقلا له- أي نفس وجوده نفس معقوليته-
فإيجاد المبدأ الأعلى له عين العلم به، و كذلك حكم الثواني من الممكنات إلى آخر
الوجود.
فعلمه تعالى بالأشياء حضوري فعلي و لا يلزم أن يكون فاعلا موجبا لأن
اقتضاء الشيء للشيء إن كان مع شعور بالشيء المقتضى فهو إرادة، و إن كان بلا
شعور فهو ميل طبيعي. و لا فرق بين الميل الطبيعي و الإرادة إلا بأن الأول لا يقارن
الشعور بخلاف الثاني.
و الحاصل: إن مقارنة الشعور و العلم للفعل الناشئ من نفس ذات العالم
كاف في كونه إراديا، و بمجرده يتحقق الاختيار و لا يلزم السبق الزماني على ما
يدعيه المتكلمون.
فإن قلت: أ ليس مدار المعقولية عندهم على التجريد عن المادة؟ فكيف
تصير الأشخاص الجسمانية معقولات بأنفسها لا بصورها المنتزعة عن موادها؟
قلت: ذلك إنما يكون في الأشياء التي لم يتحقق للعاقل بالقياس إليها
علاقة وجودية و تسلّط قهري و عدم احتجاب، فإذا تحقق ما ذكرناه يكفي للعاقلية مجرد
الإضافة الشهودية الإشراقية كما سبق، و إلى هذا أشير ما يوجد في كلام بعضهم إن
الشيء المادي و الزماني بالنسبة إلى مبادئها غير مادي و لا زماني، يعني به ارتفاع
أثر المادة و أثر الزمان عنه، و هو الخفاء و الغيبة. فقد علم بتمام ما ذكرناه في
طريقة الإشراق إنها أصح الأقوال المذكورة في علم الأول تعالى و لها قصور من جهة إن
مناط علمه تعالى بالأشياء لو كان نفس وجوداتها و ظهوراتها لم يكن له في مرتبة ذاته
علم بشيء من الأشياء، بل يكون عالميته بالأشياء مجرد إضافته إليها المتأخرة عن
نام کتاب : شرح الهداية الأثيرية نویسنده : الملا صدرا جلد : 1 صفحه : 386