نقول[2]: إنه قد تقع عن الأجسام التي قبلنا أفعال و حركات، فنجد بعضها صادرة
عن أسباب خارجة عنها توجب فيها تلك الأفعال و الحركات، مثل تسخن[3]الماء و صعود الحجر. و نجد بعضها يصدر عنها أفعال[4]و حركات صدورا عن[5]أنفسها[6]من غير أن يستند صدورها عنها إلى سبب غريب، كالماء، فإنا إذا سخناه[7]ثم خلينا عنه يبرد بطباعه، و الحجر إذا أصعدناه[8]ثم خلينا عنه يهبط بطباعه، و عسى أن يكون ظننا بالبذور في استحالتها
نباتا و النطف في تكونها حيوانا[9]قريبا[10]من هذا الظن و نجد أيضا الحيوانات تتصرف في أنواع حركتها بإرادتها، و
لا نرى أن قاسرا لها من خارج يصرفها تلك التصاريف، فيرتسم في أنفسنا تخيل أن[11]الحركات و بالجملة الأفعال و الانفعالات الصادرة عن الأجسام قد يكون
بسبب[12]خارج غريب، و قد يكون عن ذاتها لا من خارج. ثم الذي يكون عن ذاتها لا
من خارج[13]، فحن في أول النظر نجوز أن
يكون بعضه لازما طريقة واحدة لا ينحرف عنها، و يكون بعضه مفنن[14]الطرائق[15]مختلفة[16]الوجوه. و مع ذلك فيجوز أن يكون كل واحد من الوجهين صادرا بإرادة و
صادرا إلا عن إرادة، بل كصدور الرض عن الحجر الهابط و الإحراق[17]عن النار المشتعلة[18]، فهذا ما يرتسم في أنفسنا.