فرض فردا لها وجب كونه
كثيرا، و كلّ كثير مؤلّف من آحاد، و كلّ واحد مفروض يجب أن يكون كثيرا، و كلّ كثير
فإنّه مؤلّف من آحاد، و هكذا، فيذهب الأمر إلى غير النهاية و لا ينتهي إلى واحد،
فلا يتحقّق الواحد، فلا يتحقّق لها فرد، و قد فرض كثير الأفراد، هذا خلف.
و على التقدير الرابع،
كانت الكثرة بعرض مفارق يعرض النوع 20، تتحقّق بانضمامه إليه و عدم انضمامه
الكثرة؛ و كلّ عرض مفارق يتوقّف عروضه على سبق إمكان حامله
و هذا المعنى هو المراد، و
إن كان قد تقصر عنه العبارة، و يمكن أن يستشهد لذلك بقوله قدّس سرّه في الفصل
السادس من المرحلة الخامسة من بداية الحكمة في هذا المقام: «و إمّا أن تكون لعرض
مفارق ...» بل يدلّ عليه قوله في تعليقته على الأسفار ج 6، ص 63: «إنّ كثرة
الأفراد إن كان باقتضاء من تمام الماهيّة أو جزئها أو أمر لازم لها لم يتحقّق لها
فرد ... و إن كانت لأمر مفارق ...» انتهى.
قوله قدّس سرّه: «أنّ
الكثرة إمّا أن تكون تمام ذات الماهيّة النوعيّة»
و بعبارة اخرى: سبب الكثرة
إمّا داخليّ أو خارجيّ و على الأوّل لا يخلو إمّا أن يكون تمام الذات أو بعضها و
على الثاني لا يخلو إمّا أن يكون لازما أو مفارقا.
20- قوله قدّس سرّه:
«كانت الكثرة بعرض مفارق يعرض النوع»
فيه: إنّا نختار أنّ
الكثرة بعرضيّ مفارق، هو الوجود الخارجيّ- فإنّ الوجود الخارجيّ عرضيّ للماهيّة،
غير لازم لها، لإمكان كونها معدومة في الخارج- و تتكثّر أفراد الماهيّة بكثرة الوجودات
العارضة لها. و لا حاجة في التكثّر إلى أكثر من الوجود بعد ما كان كلّ وجود
متشخّصا بنفس ذاته. و ممّا ذكرنا يتبيّن أنّ قوله قدّس سرّه: «و كلّ عرض مفارق
يتوقّف عروضه على سبق إمكان.» ممنوع.
فإنّ ذلك إنّما يصحّ في
العوارض الخارجيّة و أمّا العوارض التحليليّة فلا عروض حقيقيّ فيها حتّى يتوقّف
على استعداد سابق. قال صدر المتألّهين قدّس سرّه في الأسفار ج 4، ص 254: «بالجمله
ما يقال إنّ الفصل من عوارض الجنس أو الجنس من عوارض الفصل أو الوجود من عوارض
الماهيّات، فليس المراد بالعروض في هذه المواضع و أمثالها هو العروض بحسب الوجود،
بمعنى أن يكون للعارض وجود غير وجود المعروض، بل هذا النحو من العروض إنّما يتحقّق
في ظرف التحليل بين معنيين موجودين بوجود واحد» انتهى.