عليها الجوهر 37، فتكون
هي النوع الجوهريّ الذي كانت جزء صوريّا له، و ليست بصورة؛ و لا ينافيه 38 كون
وجودها للمادّة أيضا، فإنّ هذا التعلّق إنّما هو في مقام الفعل دون الذات، فهي
مادّيّة في فعلها لا في ذاتها.
هذا على القول بكون
النفس المجرّدة روحانيّة الحدوث و البقاء، كما عليه المشّاؤون. و أمّا على القول
بكونها جسمانيّة الحدوث روحانيّة البقاء، فهي تتجرّد في ذاتها أوّلا 39، و هي بعد
متعلّقة بالمادّة فعلا، ثمّ تتجرّد عنها في فعلها أيضا بمفارقة البدن. 40
الشيء ذا ماهيّة هو وجوده
في نفسه كما مرّ في صدر الجواب و سيجيء أيضا في الفصل السادس من المرحلة التاسعة
بقوله قدّس سرّه: «فإنّ الشيء له ماهيّة باعتبار وجوده في نفسه و أمّا باعتبار
وجوده الناعت لغيره كما في الأعراض أو لنفسه كما في الجواهر فلا ماهيّة له.»
انتهى.
فإنّ الوجود لغيره لا
يتحقّق إلّا بعد قابليّة الغير و استعداده لقبوله، و لا استعداد إلّا في المادّة،
فلا يوجد الوجود لغيره إلّا للمادّة و المادّيّات. و كلّ ما تحقّق في مادّة أو
مادّيّ كان مادّيّا.
فلا يمكن أن يكون المجرّد
موجودا لغيره.
37- قوله قدّس سرّه:
«فيصدق عليها الجوهر»
بالحمل الشائع، كما مرّ
مثله في الصورة.
38- قوله قدّس سرّه: «و
لا ينافيه»
أي: لا ينافي تجرّدها و
كونها موجودة لنفسها.
39- قوله قدّس سرّه:
«فهي تتجرّد في ذاتها أوّلا»
و إذا تجرّدت في ذاتها جرت
فيها أحكامها التي كانت لها على مذهب المشّاء.
قوله قدّس سرّه: «فهي
تتجرّد في ذاتها أوّلا»
و أمّا قبل أن تتجرّد فهي
مادّيّة وجودها لغيرها فلا ماهيّة لها. و إن كانت من حيث وجودها في نفسها ذات
ماهيّة يحمل عليها الجوهر بالحمل الشائع.
40- قوله قدّس سرّه:
«ثمّ تتجرّد عنها في فعلها أيضا بمفارقة البدن»
لا يقصد صدر المتألّهين
قدّس سرّه من مفارقة البدن الموت، بل صيرورة النفس منقطعة عن البدن بحيث لا تحتاج
في فعلها إليه و إن كانت مدبّرة للبدن، فربّ نفس مقارنة للبدن لا تحتاج إلى البدن
في فعلها و هي مدبّرة للبدن و تكون بها حياته.