و أجاب آخرون بأنّ
الزمان منتزع عن وجود الواجب تعالى 29، فهو من صقع المبدء تعالى لا بأس بقدمه.
و ردّ بأنّ الزمان
متغيّر بالذات 30، و انتزاعه من ذات الواجب بالذات مستلزم لتطرّق التغيّر إلى
ذاته، تعالى و تقدّس.
و دفع ذلك بأنّ من
الجائز أن لا يطابق المعنى المنتزع المصداق المنتزع منه من كلّ جهة، فيباينه.
و فيه: أنّ تجويز مباينة
المفهوم المنتزع للمنتزع منه سفسطة؛ إذ لو جاز مباينة المفهوم للمصداق، لا نهدم
بنيان التصديق العلميّ من أصله. 31
تنبيه: [العدم المضاف]
قد تقدّم في مباحث العدم
أنّ العدم بطلان محض 32، لا شيئيّة له، و لا تمايز فيه؛ غير أنّ العقل ربما يضيفه
إلى الوجود، فيحصل له ثبوت مّا ذهنيّ 33، و حظّ مّا من الوجود، فيتميّز
29- قوله قدّس سرّه:
«الزمان منتزع عن وجود الواجب تعالى»
أي: معنى منتزع، كما يظهر
من قوله قدّس سرّه: «من الجائز أن لا يطابق المعنى المنتزع المصداق المنتزع منه من
كلّ جهة» انتهى.
30- قوله قدّس سرّه:
«الزمان متغيّر بالذات»
لأنّه كمّ متّصل غير قارّ
عارض للحركة. كما سيأتي في الفصل الحادي عشر من المرحلة التاسعة.
31- قوله قدّس سرّه:
«لانهدم بنيان التصديق العلميّ من أصله»
و صار التصديق منحصرا في
الظنّيّ. فكلامه قدّس سرّه ظاهر في عدم اختصاص التصديق بالعلميّ، و أنّه أعمّ منه
و من الظنّيّ.
32- قوله قدّس سرّه: «قد
تقدّم في مباحث العدم أنّ العدم بطلان محض»
في الفصل الرابع من
المرحلة الأولى.
33- قوله قدّس سرّه:
«فيحصل له ثبوت مّا ذهنيّ»
أي: فيحصل له ثبوت مّا في
الخارج باعتبار الذهن. حيث: إنّ العقل يعتبر ظرف الوجود